لكل الناس وطن يسكنون فيه، أما نحن فلنا وطن يسكن فينا

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

دراسة: سميرة عزام: الزمان والمكان

سميرة عزام: الزمن والمكان

د. يوسف حطيني



تتمثل أهمية دراسة زمن القص ومكانه (1) في فنون القص عامةً ، وفي القصة القصيرة بشكل خاص ، في كونها ترسم ، إلى حد ما ، مساحة الخطوط ، أفقياً وعمودياً ، التي تتحرك الشخصيات في إطارها ، فهذه الشخصيات ، بمعنى ما ، لا تستطيع تغيير شرطها القصصي إلا ضمن هذا الإطار أو انطلاقاً منه .
ويكتسب إطار القص أهمية إضافية كونه حين يذكر بشكل مباشر ، أو موازٍ لحدث أو لمشهد إنما يقوم بوصفه تعبيراً غير مباشر عن الشخصية والحدث والموضوع في آنٍ معاً . ذلك أن الجهد المبذول في تصوير إطار القص الزمني والمكاني ، ليس جهداً عديم الجدوى ، وإنما هو جهد يسعى وراء تعبير مجازي عن مكونات السرد القصصي برمته .
وحيث إن القصة القصيرة لا تسمح ، لاعتبارات ذات طابع مساحي مكاني ، بهدر الوقت والسطور جرياً وراء تسلية غير مجزية ، تتمثل في تصوير زمن القص ومكانه ، فإن ذلك فرض على كاتب القصة القصيرة الذي يدرك طبيعة فنه ، أن يستخدم إطار القص بشكل مكثف ومتعدد الدلالة ، ومتنوع أيضاً حيث يبـدو أي تكرار لنمط زمني محدد لعبة فنية مكشوفة لا تستطيع الاختفاء على مساحة القص .
أولاً : دراسة الزمن
زمن السرد وزمن القصة
في دراسة الزمن تنبغي الإشارة أولاً إلى أن عماد الدراسة البنائية للزمن هنا ، هو التمييز بين زمن السرد وزمن القصة لأن تحرك هذين الزمنين بشكل مختلف ومتنوع على مساحة القص وعلى مساحة الزمن : هو الذي يمنح الزمن إيقاعات مختلفة ومتنوعة ، يمكن أن تشكل رديفاً لعناصر القص الأخرى من أجل بلوغ وحدة الانطباع. ويختلف الزمنان عن بعضهما في أن زمن القصة " يخضع بالضرورة للتتابع المنطقي للأحداث ، بينما لا يتقيد زمن السرد بهذا التتابع المنطقي " ( 2 ) .وهذا التمايز بين الزمنين هو الذي يولد مفارقات سردية تتيح إمكانية استرجاع الأحداث أو استباقها ، فيما يمكن لبعض الأحداث أن يتطابق فيها زمن السرد مع زمن وقوعها فعلاً ، ويبدو ذلك من خلال الأحداث التي تعتمد أساساً على لغة الفعل المضارع وفعل الأمر والجمل الاسمية .
مفارقات سردية :
تولد المفارقات السردية ، كما سبق أن أشرنا ، تقنيات متعددة تمكن القاص من اللعب بها وهذه التقنيات هي الاسترجاع والاستباق والموازاة .
1 – الاسترجاع :وهي تقنية زمنية مستخدمة بكثرة في قصص سميرة عزام ، تستعين بها الكاتبة بالماضي على زمن حاضر مشين ، فالكاتبة تقدم زمن القصة الماضي ، من خلال السرد الحاضر ، عن طريق قطع أحداث الزمن المتتالية منطقياً والعودة إلى ذكريات محددة قد تعود إلى زمن القصة ذاته أو إلى ما قبل زمن القصة .فمن الاسترجاع الـذي يعود إلـى ما قبل زمن القصة ،وهو الذي تدعوه سيزا قاسم استرجاعاً خارجياً (3) ، ما تقوله المرأة العجوز في قصة "عام آخـر " (4) إذ تحـدث السـائق بكـلام مكرور ، وتقدم من خلال قطع زمن السفر إلى بوابة مندلبوم ، صورة زمن ماض ليس في مقدورها أن تفعل شيئاً أكثر من أن تتذكره :
“يوم تزوجت ماري نام في بيتنا عشـرون نفراً أو يزيد …فراش كثير والخير من خيرك .. وأواني النحاس ، كان جـد عبود أحـضرها من الشــام،فطارت الدار والبيارة والنحاس “ ( 5 )
وهذا الاسترجاع يكون متكرراً بشكل لافت للنظر ، في قصص عزام الوطنية ، وفي القصة الوطنية الفلسطينية بشكل عام ، لأن مثل هذا الاسترجاع هو محاولة لبناء وطن بين الكلمات . ففي قصة " في الطريق إلى برك سليمان " ( 6 ) يتذكر حسن ، حين يلتفت الى بيته وهو في طريق النزوح ، شجرة اللوز . يسترجع غرسها ونموها واخضرارها ليقدم لنا ماضياً ، حاضراً في ذهنه بشكل دائم : “ شجرة اللوز غرسها يوم ولد عمر … وكبرت الغرسة واخضرت ، وكان يحمل ابنه ، ويوقفه بقربها ويقول دعنا نقس … أيكما صار أطول ، أنت أم اللوزة ؟ . . “ (7)
ويمكن أن يكون الاسترجاع لا يعود إلى ما قبل زمن القصة ، ولكنه استرجاع داخلي ، تتذكر خلاله الشخصية أحداثاً وقعت قبل لحظة السرد ولكن داخل إطار زمن القصة . ويمـكن للتمثيل على هذا الاسترجاع أن نقدم ذكريات رامز في قصة " خبز الفداء "( 8 ) حيث سقطت حيفا أمام عينيه ، وبعد أن تعرّف إلى سعاد ، أي داخل زمن القص نفسه .
“ ثم كانت كارثة حيفا …لن ينسى ذلك المساء كان مشغولاً بصف التدريب … حين التفت إلى البحر فإذا بعشرات المراكب المحملة بالناس “ ( 9 )
و لا يخفى ما لهذه الاسترجاعات من وظيفة خطابية تحرك في المرء شتى المشاعر العاصفة تجاه تلك الأيام التي تثير أيضاً في نفوس الشخصيات نوعاً من التحريض ، حين تسترجع كذكريات ، مما يمنحها حرية الحركة المنشودة في البناء القصصي .
2_ الاستباق : كما تقدم الكاتبة زمن السرد سابقاًً زمن القصة ساعية إلى خلق استباق فنيا للأحداث حيث يكون الحدث من الناحية البنائية السردية سابقاً لحدوثه من الوجهة المنطقية ، و يذكر هنا أن الكاتبة لم تستخدم هذا البناء الزمني كثيراً ، لأن الأمل في قصصـها الوطنية لم ينعكس في بنائها الفني ذلك أن هذا الأمل كان خطابياً لا صميمياً ، و مثل هذا الاستبـاق كان غائباً ، قبل اشتعال الثورة الفلسطينية عام 1965 ، بشكل شبه تام عن الأدبيات الفلسطينية ، و هو أمر مفهوم و مسوغّ إلى حدًّ مـا . إذ إن مثل هذا الاستباق يظهر عند الأديبة في قصصها ، ذات المنحى غير الوطني ، و يمكن أن نمثل للاستباق بالسياق السردي التالي ، حيث تقدم الكاتبة زمن السرد على زمن القصة :
“ في الغد ستجتمع رفيقات الدرس عند السنديانة المنخوبة ، ويتحدثن في أشياء كثيرة ، وستمتد الأيدي في حذر إلى الجيوب ، فتخرج بالرسائل المعطرة فتتفتح لها عيون الصبايا ، وقبلها قلوبهن … وللمرة الأولى سيكون لها ما تقوله “ ( 10 ) . وفي سياق لاحق تقول الكاتبة “ سيضحكن منها بلا شك ، و سيدركن أنها مثلهن إنسانة تحس ،وتتدله ! ألم يسمينها اللوح “ ( 11 ) .
3- الموازاة : وكثيراً ما تقوم الكاتبة بتقديم زمن وقوع الأحداث بشكل موافق لتقديمها في نسيج السرد ، ليسير الزمنان جنباً إلى جنب ، و يكثر ذلك عند استخدام الأفعال المضارعة المجَّردة من أدوات القلب والاستقبال ، وعند استخدام الجمل الاسمية أيضاً . وتقدم الكاتبة في قصة " فلسطيني " ( 12 ) النسيج السردي التالي :
بطاقتا الهوية أمامه ، وإصبعـه تنتقل بينهما ، والتفاصيل تهتز أمام عينيه ، وزبون يدخل فيصرفه بحركة من يده دون أن يرى وجهه ، فيمضي هذا ساخطاً لا يعرف لماذا لا يريد الرجل أن يبيع “ ( 13 ) . وإنَّ إقامة مثل هذا التوافق يجعل صلة القارئ بالتفاصيل القصصية حميمة وتقذف به إلى أتون العمل القصصي .
التوتر الزمني
قدمت سميرة خلال قصصها زمناً ذا توتر ، متنوع ، مدركٍ لما يقدمه مثل هذا التوتر الزمني ، لتحريك بنية النص السردي ، فقد قدمت هذه الكاتبة تقنياته المختلفة في قصصهـا ، وإن كانت كل هذه التقنيات قد تجتمع ، وقد لا تجتمع في قصة واحدة ، وهذه التقنيات كما يقدمها جيرار جنيت هـي : الخلاصة ، الاستراحة ، القطع ، المشهد ( 14 ) .
1-الخلاصة :
فالكاتبة تستخدم الخلاصة ، بوصفها تقنية حكائية يمكن أن تقدم أحداثاً ووقائع ملخّصة في سطور ، بينما جرت على أرض الواقع في أيام أو أسابيع أو سنوات … في قصة " أسباب جديدة " ( 15 ) تقدم الكاتبة تقنية الخلاصة في السياق السردي التالي : " كان ذلك قبل عامين بالضبط، وانقطع عني محمد ، فأدركت أنه سافر ، ولم أسمع عنه شيئاً إلى ما قبل أسبوع "(16 )
وفي قصة " فلسطيني " (17 ) حيث يكون الكذب حاسماً في صدقه ، لم يستغرق تزوير الهوية ، الذي هو تزوير التاريخ ، إلا ثلاثة أسابيع أو أربعة، تقدمها الكاتبة في بضعة أسطر :
“ من عادة الكذب أن يكون حاسماً في صدقه ثلاثة أسابيع أو أربعة وانتهى كل شيء بسرعة ومضاء .. ما قابل ذاك الذي يسمي نفسه أستاذاً أكثر من مرة واحدة ، ولقد سجل كل التفصيلات على ورقة ، الاسم ، واسم الزوجة ، والأولاد ، وأمكنة الولادة والأعمار ، وقال بأنه سيتدبر كل شيء ، الشهادات والوثائق لا يريد شيء غير الصور ، والألفين طبعاً .. وهي ليست خالصة له ، المصاريف كثيرة ، والأطراف أكثر “ ( 18 )
وفي سياق غرضي آخر تستخدم الكاتبة الخلاصة الزمنية ، لفترة أكبر ، إذ تلخص عشرين عاماً ، من حياة أبي مخول ، صاحب المقهى في قصة " وخرس كل شيء " ( 19 )
" كل صيف ولأكثر من عشرين عاماً ، ظل مقهاه يجتذب عشاق الهدوء يفتحه مع طلة كل صيف ، ويغلقه حين ينصرم أول التشرينين ويصبح للخريف ريح قاسية " ( 20 )
ومثل هذه التقنية يبدو استخدامها ناجحاً في قصص عزام ، ذات الأغراض المختلفة ، وتلجأ إليها حين يتطلب القص حشد معلومات هائلة في أسطر قليلة ، كما في المثال الثاني ، أو من أجل التحضير لحدث استثنائي يقطع أحداثاً اعتادت عليها بنية النص لفترة زمنية ملخصة ، هي في الأصل طويلة .
2-الاستراحة :
كما تلجأ الكاتبة إلى الاستراحة الزمنية ، حين تقدم وصفاً ما ، منسلخاً عن الأحداث والشخصيات ، بوصفها تحمل تطوراً درامياً، كأن تقدم المؤلفة تأثيث مكان ما تأثيثاً لا علاقة له بالصيرورة الزمنية للقصة ، فالوصف الذي لا يسير وفقاً لانعكاس آثاره على الشخصية هو استراحة زمانية بالضرورة تقول سميرة في وصف مقهى :
“ المكان فارغ وبارد أيضاً ، وليس فيه موسيقى أو أنوار خافتة ، هذا المكان لا يستعين رواده على شربهم بالشعائر “ ( 21 ) .
غيـر أن الوصف يكف عن أن يكون استراحة ، وفقاً لهذا المنطق ، حين يكون جزءاً من التطور الحدثي في القصة ، ومن ذلك بداية قصة " الذكرى الأولى " ( 22 ) ، إذ يكون الوصف جزءاً من اللعبة الفنية للشخصية ذاتها :
"وقفت تتأمل المائدة ، بمفرشها الأحمر والشمعدانين الفضيين ، وباقة الورد الصغيرة في الوسط" ( 23 ) .
إن هذا الوصف ليس استراحة زمنية ، وإنما استراحة تأمل للشخصية ذاتها .
ويمكن أن نمثل لنجاح سميرة عزام في اختيار لحظة الاستراحة ، حيث تضعها بين زمنين بينهما تنافر ما ، أو تباعد ما ، فتستعين بها على إزالته ، فحين تريد الكاتبة أن تصل سردياً بين الكلب غير المستريح لوجود زوار جدد في قصة " الحب والمكان "( 24 ) ، وبين قصة الكلب نفسه ، تطل علينا باستراحة وصفية تكون بمثابة صلة وصل ناجحة بين مقطعين سرديين :
“استقبلنا بنباح وجفوة وظل يزورّ عن مداعبتنا بصورة توحي بأنه غير مستريح لوجودنا إطلاقاً . كان كلباً من ذلك النوع الصغير الرأس ، الأحلط ، الأملس ،أسود الجسم باستثناء بقعة بيضاء بين عينيه ، وقد فهمنا من مالك البيت أنه يخص المستأجر الجديد “ ( 25 ) .
3-القطع :
كما تستخدم الكاتبة من التقنيات الحكائية التي تحدد مسار الإيقاع الزمني تقنية القطع ، إذ يتم القفز عن الزمن ، دون إشارة واضحة إلى الأحداث التي جرت فيه ، و تكتفي في مثل هذه الحالات بعبارات مثل : بعد ذلك بسنتين ، بعد عدة أيام … غير أن استخدام الكاتبة هذه التقنية لم يكن استخداماً متكرراً ، ومع ذلك فقد كان استخدامها ناجحاً في ترك ما من شأنه أن يعيق تطور العمل القصصي .
وتسعى الكاتبة من خلال استخدامها هذه التقنية إلى التخلص من زيادات في الشروح ، أو من ذكر فترات زمنية لم تتضمن أحداثاً يمكن أن تؤثر في سير العمل القصصي ، كما هـو مخطط له في الذهن ، إذ أن الأحداث التي من المفترض أن تقع بين سنة وأخرى أو شهر و آخر ، لا تفترض رصدها جميعاً في القصة ، والكاتبة حين يتطلب الأمر ، تقفز فوق خمس سنوات مستخدمة تقنية القطع الزمني ، ففي قصة " سجادتنا الصغيرة "( 26) ، إذ تضيع السجاد ة مدة خمس سنوات ثم تظهر فيكون السرد التالي :
“ قلت إن ذلك كان قبل خمس سنوات ، وقد كدنا ننسى السجادة إلا حين نفتقد عري جدارنا في الشتاء ، وكان آخر شيء نتوقعه أن نصبح ذات صباح فنجد السجادة مكومة أمام الباب “ ( 27 ) .
4-المشهد :
وإذا كانت اللغة القصصية قادرة على تلخيص الزمن وتغييبه في استراحة زمنية ، بل واختزاله ، فإنها قادرة لدى الكتاب الذين يستطيعون تطويعها على تصوير اللحظة الزمنية الحاضرة ، التي يتطابـق فيها زمن السرد مع زمن القصة ، وذلك في المقطع الحواري الذي يسمى ( المشهد ) عند البنائيين . فإذا أخذنا المشهد التالي :
“ ـ محلك فارغ
ـ ما نزال في السادسة ،إنك تبدأ مبكراً
ـ أنا غريب
ـ يبدو ذلك “ ( 38 )
لأدركنا أن هذه اللحظات الزمنية التي يستغرقها الرد ،هي ذاتها اللحظات الزمنية التي يستغرقها زمن القصة ، إلا إذا أخذنا بعين النظر الإيقاع التلاوي للحوار الذي يمكن أن يختـلف من قارئ لآخـر . وان التركيز على هذه التقنية الزمنية يمكن ان يعطى إيهـاما مستمرا بالواقع من خلال تطابق الزمنيين المشار إليهما حيث تمكنت سميرة ، الكاتبة الواقعية،كما أشرنا في فصل أموت من تقديم وسائل إقناع جديدة لواقعيتها الفنية .
المفصل الزمني
يستعمل كتـاب القصة إلى جانب ما سبق الزمن المحرقي المكثف الذي يكون مفصلاً بين زمانيين ، حيث يستطيع يقسم أحدث القصة إلى قبل وبعد ،ومثل هذا المفصل الزماني مستخـدم بشكل واسع في الرواية حيث يسمح حجمها ، وتسمح طبيعة بنائها ، بتقديم عدد من اللحظات المفصلية الحرجة ، في حين يكاد يقتصر فن القصة القصيرة على مفصل زمني أو اثنين في أكثر الحالات . في قصص سميرة عزام ، تبدو القدرة على التقاط المفصـل الزمني عن طريق حشد كل الأزمنة السابقة له ، لتجعل منه محرقاً زمنياً ، إذ تنطلق الأزمنة إلى جانب تقنيات السرد الأخرى ، لتنتهي إلى بؤرة زمنية مركزية تؤثر بالضرورة تأثيراً بالغاً على الأحداث في زمن القص اللاحق .
في قصة " سأتعشى الليلة "( 29 ) لسميرة عزام ، تغدو الليلة المقصودة حالة فاصلة في حياة بطل القصة المعاق ، الذي قرر أن يعمل ، واستطاع ذلك ويغدو عشاء الليلة الذي سيأكـله من كد يمينه ، مقدمة لعشاءات أخرى ، تجعل لياليه بعد هذه الليلة تختلف اختلافاً كلياً عن لياليه قبلها .
في قصة " وخرس كل شيء "( 30 ) ثمة تحديدان زمنيان محرقيان ، فاليوم الذي سبق قيام أبي مخول بتحطيم “ صندوق الموسيقى “ كان يوماً مثيراً لانفعالاته ، فقد كان هذا الصندوق الذي جلب الناس إلى مقهى جاره وأقصاهم عن مقهاه ، على غير عادته ، وإن كان في العادة مثيراً لانفعالاته أيضاً .
“ واليوم بنوع خاص ، كان جنون الصندوق جنونين ، كأن ألف عفريت قد ركبته دفعة واحدة “ ( 31 ) .
ولأن هذا اليوم مختلف عن كل الأيام ، فقد جرّ ليلة مختلفة ، كما جرّ صباحاً مختلفاً لا يشبه كل الصباحات المألوفة :
“ في الصباح لم يرتفع الصوت … وتلك الدمى التي قصدت مقهاها ، قد رُدّت على الأعقـاب فأمران عجيبان قد وقعا معاً في ليلة واحدة … عاد صاحب المقهى في الصباح ليفجر الصخب في سماء الضيعة فوجد الصندوق حطاماً متناثراً (….) وبلغ صياحـه آذان الضيعة ، سمعها الجميع إلا أبا مخول ، إذ وجد منكفئ الوجه على أحد(*) الطاولات وفي يده زجاجة خمر كبيرة فارغة تشنجت أصابعه على عنقها في التحام عصبي “ ( 32 ) .
ولعل اللجوء إلى التوكيد اللفظي ، لتظهير المفصل الزمني ، أن يكون طريقة تعبيرية ذات جدوى في لفت انتباه القارئ إلى اللحظة الفاصلة بالذات ، حيث يكتسب تكرار ملفوظات معينة ذات دلالة زمنية أهمية بالغة في قصص عزام . ففي قصة " اقتنعوا ولكن "( 33 ) يتكرر تركيب في الصباح ليشعر القارئ ، من خلال الصوت أيضاً ، أن الزمن المراد مختلف عن كل الأزمنة السابقة واللاحقة .
“ في الصباح فتح [ الحارس – السارق ] عينه أو تظاهر أنه يفتحها ، حيث طرق الطباخ على بابه بكلتا يديه ، وفي الصباح ظل التليفون مشغولاً بكل أشكال الأرقام . وفي الصباح سـأله صـاحب البيت ألف مرة ، وصاحبته أكثر من ذلك كيف لم يلحـظ اللص المتسـلل “ (34) .
الأداء الزمني بين المباشرة والتوازي :
لقد نوعت سميرة عزام في طرق تقديم الأداء الزمني ، فكانت تكتفي حيناً بالأداء الزمني المباشر للكلمات ، بينما كانت تقيم ، حيناً أخر ، توازيات مختلفة بين الزمن والحدث ، وبين الزمن والفضاء المحيط ، من أجل تقديمه بطريقة غير مباشرة .
إن طريقة الأداء المباشر للزمن هي طريقة جد معروفة في الفن القصصي عامة ، وفي الفن القصصي الفلسطيني خاصة ً ، بل إن كثيراً من القصاصين الفلسطينيين ، وهنا تغني الكثرة عن التمثيل ، وقعوا في اقتصار أعمالهم القصصية على طريقة الأداء المباشر للزمن ، دون استخدام تقنيات أخرى أكثر تطوراً في تقديمه ( 35 ).
وقد كان للتنويع الذي استخدمته سميرة عزام في تقديم الزمن آثار إيجابية على مستوى العمل القصصي ، إذ تخلصت من خلال هذا التنويع من الإملال الذي قد يصيب القراء من جراء تكرار نمط واحد للتقديم الزمني .
فحين يكون السرد القصصي مباشراً ، وتكون الفكرة الجزئية في متناول الفكر ، يأتي التعبير عن الزمن لدى الكاتبة بمثل هذه الألفاظ " صباحاً ، عند الصباح ، في منتصف الليـل ، ففي قصة " مؤهلات "( 36 ) يعبر الزمن عن نفسه ، على لسان الطبيب ، بالشكل التالي:”ذات صباح ،كنت أنتظر سيارة أجرة تحملني إلى العيادة “ ( 37 )وفي قصة " في الطريق إلى برك سليمان"( 38 ) ، حيث يموت الطفل رمز المستقبل ، تجد الكاتبة استخدام الزمن أكثر جدوى ، فتلجأ إلى تصوير الليل تصويراً رومانسياً، يناسب طبيعة الهزيمـة التي حاقت بالعرب عام 1948،و يغدو الهروب إلى زمن الطبيعة المنفذ الوحيد للتخلص من زمن الهزيمة :
“ كانت ليلة قمراء سخية الضوء ، تسمح لأزهار شجر اللوز والمشمش في حديقته ، وفيما وراء حديقته من بساتين ، أن تبدو كنجيمات صغيرة بيضاء “ ( 39).
والأمر ذاته يلاحظ في قصة " خبز الفداء " ( 40 ) ، وإن كان اللجوء إلى الطبيعة هنا ، مرتبط بفعل ثوري يمنح معنى الليل والظلام امتداداً رمزياً أيضاً .
“ حتى إذا هبط الظلام ، حمل بندقيته ومضى إلى الخفارة الليلية فلا يعود إلا وقد تلونت السماء بأضواء فجرية “ ( 41 ).
فإذا وجدت الكاتبـة أن الفكرة تتطلب تقديم عناصر القص بشكل غير مباشر ، عن طريق إقامة التوازيات ، فإنها سرعان ما تلجأ إلى ذلك ، وقد قدمت الكاتبة الزمن القصصي في كثير من الأحيان ، من خلال إقامة توازيات مختلفة ، فتارة تجعل الحدث محوراً لتوازيات زمنية أخرى ، بينما يبدو الزمن من خلال غلالة شفيفة ، فيما تجعل المكان تارة أخرى محوراً لهذا التوازي . فعن طريقة إقامة العلاقة بين الزمن والحدث تقدم لنا الكاتبة اللوحة الزمنية الفجرية التالية :
“ ومن بعيد أخذ يتجاوب صياح ديكة “ ( 42 ).
وحين تلجأ الكاتبة إلى تقديم الزمن عن طريق تظهير آثاره على المكان ، فإنها تضع القـارئ من حيرة من أمره ، إذ يختلط عليه الزمن بالمكان ، وفي اللوحات الزمانية التي تعتمد على المكان اعتماداً وثيقاً تنوع سميرة عزام في المشهد ، فتقدمه ساكناً مرة ، مليئاً بالحركات مراتٍ .
“ وبدا الطريق الضيق المغسول ملتمعاً يعكس أنواراً صفراء كابية “ ( 43 ).
“ وقامـت صاحبتنا بانفعال تطل من النافذة ، فتبصر بالناس أفواجاً يتأبطون العلب ويحملون اللفائف ، يمنون أنفسهم بليلة ملونة ،إنهم يحسون الأيام . أما هي فما في عام يروح وآخر يجيء مبعث فرحة أو محرك أمل “ ( 44 ).
الزمن النفسي :
إن التداخل بين عناصر القص ، وخاصة في القصة القصيرة يسمح لبعض العناصر أن تقـوم بدور مزدوج ، إذ يمكن للزمن أن يقدم نفسه من خلال المكان ، كما رأينا ، ويمكن للمكان أن يساعد في التشخيص ، وما دمنا بصدد دراسة الزمن ، فإن من المفيد إبراز الدور الذي يقدمه الزمن في التشخيص ، إذ يغدو حاملاً نفسياً للشخصيات .
لقد أدركت عزام هذا الأمر ، فغدا استخدام الزمن عندها ، عنصراً لا يستغنى عنه في تشخيص الوضع النفسي لأبطال قصصها . ففي قصة" العيد من النافذة الغربية " ( 45 ) تصور الكاتبة ذواء شباب بطلتها اعتماداً على مفردات زمنية معروفة بامتداداتها الدلاليـة . " الخريف في عمرها قد مد أصابع إلى ربيعها " ( 46 ) وهي لا تزال تنظر إلى فعل الطبيعة المدهش المتجدد ، حيث تجدد الطبيعة نفسها بفعل الزمن ، في حين لا تستطيع هي إلا أن تراقبها :
“ لا تصدق إنها احتملت تلك النهاية عاماً كاملاً .عاماً أورقت خلاله اللوزة ثم تعرّت ثم أورقت “ ( 47 )
وفـي قصة " وأما بعد "( 48 ) تقارن البطلة بين زمن الفقر وزمن الغنى ،فالفقير يبحث عن لقمته ، أو يقضي زمانه دون طعام ، بينما يتلقى الغني ، في الأونة ذاتها ، بعيد ميلاده هدايا المناسبة .
ها هي ذي تتساءل :
“ كيف تجرؤ عقارب ساعتها بعد أن تدور ، وأن تدعي أنها تسجل لزمن واحد يجمع بينـها وبين تلك التي ستتلقى الليلة مائة هدية تماثل هذه / ساعة ثمنها ثلاثون ألف ليرة / أو تفوقها “ ( 49 )
إنه تساءل مشروع تطرحه نفس قلقلة ، تربط الزمن بآثاره ، ولا تستطيع فهمه مجرداً منها ، لذلك تميز بين زمن المريض والسليم ، زمن الغني والفقير . . . الخ
ولرصد الملامح الداخلية للشخصية القصصية ، تحشد الكاتبة المفردات ، وثيقة الصلة بالزمن ، من أجل أن تضيئها . ففي قصة " اقتنعوا ولكن " ( 50 ) تصور الكاتبة حال الحـارس الذي “ يسهر الليل ويسهر النهار “ ( 51 ) وهو في أوج قلقه ، بينما يقوم بتمثيلية السرقة التي يقتصر هدفها على اكتشافها ، تسـند الكاتبة الفعل ( ارتعـش ) إلى الليل لتصور قلق الحارس ـ السارق :
“ تعثرت يداه ، وانزلقنا خارج السروال ، وهو يبحث عن جيبه متلمساً المفتاح ، وكادت العلبة أن تسقط حين ارتعش الليل بنصف دقة “ ( 52 )
ولكن الكاتبة التي قلما يجانبها التوفيق في تصوير الزمن النفسي ، تخفق أحياناً في ذلك ، حين يخلق هذا التصوير نوعاً من التنافر بين مفردات الزمـن والحالة النفسية الدقيقة للشخصية . ويبدو هذا جـلياً في قصـة " في الطريق إلى برك سليمان " ( 53 ) حين تمنح الكاتبة الجو الكئيب الذي رافق مشهد موت الطفل ، من رومانسيتها التي جاءت فرحة نافرة عن جو الحزن العام : “ وأراح الطفل على التراب .. كان القمر قد انحدر واحمرت ألوانه . فكأنه شمس تشرق من الغرب ، وتوشحت السماء بأضواء فجرية مسحورة “ (54) .
غير أن الزمن الذي درسنا تحولاته وإيقاعاته وطرق تقديمه ، وتحوله إلى كاشف نفسي قد يتحول إلى ثيمة مركزية ، يمكن أن تدرس لاحقاً ، بوصفها موضوعاً سائداً في أثناء دراسة الإيقاع القصصي .
ثانياً – دراسة المكان :
يستطيع أي قارئ لأدب سميرة عزام أن يستنتج ملامحه الواقعية دون عناء ، فالكاتبة تعتمد على الواقع في إنتاجها القصصي اعتماداً كبيراً الأمر الذي تطلب منها أن توهم بهذا الواقع ، بكل الوسائل هذا الإيهام ، لذلك شغل الوصف في قصصها حيزاً مهماً ، حيث جاء وصفاً تفصيلياً حيناً وتعبيرياً حيناً آخر .
ويمكـن للمرء أن يعطي أمثلة كثيرة على الوصف التفصيلي التصنيفي من قصص الكاتبة حيث يبدو المكان ظاهراً بجزئياته ، ولكنه في الوقت ذاته وصف موضوعي محايد ، لا يكشف تلاوين الشخصيات القصصية من خلاله تقوله سميرة في وصف أحد المقاهي ، إذ يبدو انفصال الوصف عن السرد القصصي :
“ المكان الفارغ ، وبارد أيضاً ، وليس فيه موسيقى ولا أنوار خافتة هذا مكان لا يستعين رواده على شربهم بالشعائر “ ( 55 )
كما تستخدم الكاتبة الوصف التعبيري للمكان ، إذ تنجح في أن تقدم وصفها مؤثراً في القارئ من خلال الأثر الذي يتركه انتقاء المفردات الوصفية في نفسه . ومن هذا الوصف ما يرد في قصة " على الدرب " ( 56 ) حيث تتلبس القارئ من خلال الوصف حالة من الشعور المقبض بالوحدة :
“ الطريق مقفر ، المساء ملفع بضباب ، وهذا الرذاذ يتساقط على وشاحي الصوفي الذي لففت به رأسي ولما تأت السيارة “ ( 57 )
وظائف الوصف المكاني :
إن وصف المكان على تنوعه ، يقدم للبنية السردية برمتها وظائف بالغة الأهمية ، فهو لا يخلو من وظيفة تفسيرية .ذلك لأن وصف الأمكنة ابتداء من البلدان والمدن والقرى ، وانتهاء بالبيوت والغرف والأسرّة تجعل إدراك القارئ للمكان أعمق . فالكاتبة حين تؤطر مكانياً تذكر أسماء المدن و القرى في أكثر من موضع حيث نرى عزام تنتقل في قصصها من حيفا إلى بتير إلى برك سليمان ، ومن يافا إلى بيروت ، ومن درعا إلى الرمثا ، إلى عمان إلى القدس ، ومن الناصرة إلى غزة …
كمـا تسمي الكنائس في بيروت والقدس والناصرة وتصفها ، وتصف الشوارع بدقتها في مختلف المدن والقرى ، وتخترع شوارع تركبها في ذاكرتها ، مما يمنحها وصفها بالتالي وظيفة إيهامية ، إذ يستطيع القارئ فعلاً أن يركب صورة للشارع ، يعتقد أنها صورة حقيقية نابضة بالحياة ( في حين أنها يمكن ألا تكون كذلك ) :
“ سعاد لاهية عن زحام الشارع ، فما تكاد تحس بالمتسكعين العائدين من جولاتهم في المخازن التجارية ولا بالعربات تقف صفاً لا أول له ولا آخر ، تزحف كل واحدة بقدر ما تسمح به المسافة الضيقة ما بـين العربة والأخرى وأضواء النيون تتراقص فوق أسطحة الأبنية “ ( 58 )
كمـا أن هذا الوصف يمكن أن يقدم للكاتبة والقارئ دوراً ذا وظيفة تطويرية حيث يكتسب المكان أهمية من حيث فعله بالحدث ، ويغدو ركيزة من ركائز القصة الأكثر أهمية ، ويمكن للتمثيل أن نشير إلى قصة " الحب والمكان "( 59 ) حيث يغدو المنزل / المكـان حاضراً حضوراً لا تقل أهميته عن حضور الشخصيات القصصية ذاتها ، ويغدو عقدة القصة كلّها .
ويمكن لوصف المكان أن يكون ذا وظيفة نفسية ، فالكاتبة لا تقدمه محايداً أو مجرد فضاء لعملها الإبداعي ، وإنما تنظر إليه على أساس أنه يشارك في خلق الجو النفسي للشخصيـات القصصية . فالمكان عندها يقدم وصفاً دقيقاً لما يدور في أذهان الشخصيات ، أو ما ينطبع على مخيلتها من أحلام وانفعالات .
في قصة " الفيضان " ( 60 ) تتخذ تراكيب مثل ( الزقاق الأسود ، نظرة مثقلة بالهرم ) معاني إضافية تضفي على المكان حزناً وشقاء يميز حياة الشقيات في المواخير ، كما أرادت أن تصورها الكاتبة :
“ وألقت إلى الزقاق الأسود نظرة مثقلة بالهرم ، وكانت رؤوس الشقيات ما تزال ممدودة تتطلع بفضول إلى رأس الزقاق حيث تحلقت جماعة حول حانوت الشواء “ ( 61 ) .
وثمة وظيفة أخيرة استطعنا استقراءها لتصوير المكان في قصص سميرة عزام ، وهي الوظيفة الرمزية ، حيث يبدو المكان مسرحاً للعمليات الذهنية التي تؤرق الكاتبة والشخصيات على حد سواء ، فالمكان الذي تصوره الكاتبة لا ينبغي أن يعزل عن الكاتبة نفسهـا ، لأن ملامحها وظروفها يمكن أن تقدم إضاءات لا يستغنى عنها للنص القصصي ، وتمكن هنا الإشارة إلى قصتي " هل كان رمزي "( 62 ) و " الحب والمكان " ( 63 ) حيث يكون رمزي ، وفقاً لظروف الكاتبة التي عانت التيه والتشـرد ، رمزاً للوطن المستتر ، الذي يحاول الأعداء تغيير ملامحه ، حتى يكاد وأصحابه لا يعرفونه ، بينما تغدو القصة الثانية ، وفقاً للظروف نفسها ، دعوة واضحة إلى التشبث بالأرض ، وعدم التخلي عنها .
العام والخاص في المكان :
تبدو سميرة عزام بارعة في تصوير المكان العام ، والمكان الخاص على حد سواء ، فهـي حين تريد أن تقدم مكاناً عاماً لا تكتفي بتسميته ، لتحقيق وظيفتها الإيهامية ، ولكنها تسمي الحي والسيارة ، حتى تقنعك بواقعية هذا المكان :
“ كـان بيتنا في ( درج القلعة ) وكان لنا بيارة برتقال ، ثمرها لامع كالذهب ، موصوف بالحلاوة “ ( 64 ) .
واهتمامها بهذا المكان العام ، وبتأثيثه لا يقل عن اهتمامها بتأثيث المكان الخاص ، ففي
خارج البيت تجد الكاتبة ما تصفه ، و إذا دخلت مكاناً خاصاً ، بيتاً أو مقهى ، صورت كل دقائقه واستقصت كل ما تراه عينها الفنية الخبيرة أمامها .
في قصة " الساعة والإنسان " ( 65 ) يبدو اهتمام الكاتبة بتأثيث المكان الخاص ، من خلال السرد القصصي :
“ كانت هناك غرفة ، في وسطها مائدة عليها كسرات من خبز وبقايا من طبق طعام ، تفضـي إلى غرفة أخرى داخلية ، فيها سريران من الحديد الأسود ، واحد منسق مفروش ببطانية رمادية ( . . . ) أما الآخر فقد كانت أغطيته متكومة فوق جسم ما “( 66 ) .
ويمكن للمرء أن يدرك ما يحققه هذا المقطع الوصفي للمكان من نجاح في التأثيث من خلال التركيز على الأشياء وصفاتها حيث تمكن ملاحظة الأمرين التاليين :
1 – الكاتبة تهتم بالترتيب المكاني إذ تستطيع ملاحظة مراتب متعددة لهذا التركيب فهناك البيت وهناك الغرفتان ، والمائدة والأسرة ، فكل مكان لديها قابل أن يقرن مكاناً جزئياً أصغر (يمكن النظر إلى الرسم في الصفحة التالية لملاحظة تفاصيل تأثيث المكان من خلال شجرة الوصف)



























مخطط تفصيلي ( البيت )





2- الكاتبة تهتم بصفات الأشياء التي تؤثث بها أمكنتها ، فالغرفة الأولى تفضي إلى غرفة أخرى والمائدة موضوع عليها الخبز وطعام ، أما صـفة الخبز فهي أنه كسرات والطعام بقايا . والغرفة الأخرى فيها سريران ، والسريران موصوفان بدقة أيضاً ، كما يبدو من خلال المقطع والرسم التوضيحي وكل هذه الصفات دليل أكيد على مدى اهتمام الكاتبة بمسألة إيهامنا بالواقعي .
الألوان و الأشياء :
و يمكننا لرصد المكان بمزيد من الدقة أن نشير إلى كيفية تعامل الكاتبة مع الألوان و الأشياء فقد اهتمت الكاتبة بالتلوين ، إذ استخدمت ، الألوان الأصلية و فروعها و الأشياء التي تحـوي بها ( لوازمها ) و يمكن الإشارة إلى استخدام اللون في الأنساق التالية :
- “لابد من رواية يتسلى بها وهم جلوس في المقهى حـول أقداح الشاي الأسود “ ( 67 ) - “ و كانت ليلة سوداء ليس فيها قمر ، و مصابيح الشارع عمياء لا تضيء “ ( 68 ) “ كان المساء كابياً ، و قد جثمت على المدينة سماء رمادية “ ( 69 )
- “لولا تلك المصـابيح الصفر المعـلقة على أعمـدة النـور تتحدى جهامة الليل الأسود “ ( 70 )
_ “ حين وقفت أمام مرج من الألوان يموج في خزانتها “ ( 71 )
_ “ و لـم تكن الأنوار الصغيرة الملونة قادرة على أن تتشبث بالنهار ، فقد غلفها الرذاذ بضباب امتص ضوءها فلم تعد أكثر من نواصات حمراء أو خضراء “ ( 72 )
-“ ووقفـت تتأمل المائدة بمفرشها الأحمر و الشمعدانين الفضيين “ ( 72 ) “ توقفت طويلاً أمام النافذة الغربية ، شجرة التين كانت لأيام يابسة سوداء العروق تلتف عروقها كمن يتكمش على حياة لا يريد لها أن تنسرب قد اخضرت و أمرعت . . أوراقها الصغيرة تشرب شمساً تنصب عليها بسخاء من سماء كشحت كل غيومها فكأنها في عيد أزرق ينحدر بالتحام شديد إلى بحر يبدو كأنه امتداد السماء نيسان . . . .و وراء شجرة التين شجرات المشمش تفتحت قناديلها نجوماً بيضاء “ (74) و يشار هنا إلى أن هذه الشواهد ليست إلا غيضاً من فيض الألوان الغامر الذي يواجهه قارئ سميرة عزام ،و في هذا الاستخدام الكثيف للألوان يمكن أن تبدو الملاحظات التالية :
1- الكاتبة تدرك دور اللون في ترسـيم المكان و هي لذلك تسـتخدمه في المكان العـام ( الليل – البحر – السماء ) و في المكان الخاص ( المائدة – الشاي – الخزانة ) .
2-الكاتبة تستخدم طرائق مختلفة في التلوين ،فهي كثيراً ما تقدم الألوان الرئيسية المعروفة إذ يبدو الأزرق و الأصفر و الأحمر و الأسود ، كما تستخدم الألوان بلفظها للدلالة على تنوعها ( مرج من الألوان ) كما تستخدم الطريقة غير المباشرة في تقديم الألوان ( سماء كشحت كل غيومها ) .
3- الكاتبـة تستخدم الألوان في تصوير نفسيات أبطالها ، فالشاي الأسود يناسب المصير الذي انتهت إليه بطلة " حكايتها " ( 75 ) والمفرش الأحمر يناسب فرح المناسبة التي كانت بطلة " الذكرى الأولى " ( 76 ) تعد نفسها للاحتفال بها .
4-في استخدام الألوان تبدو فطنة الكاتبة وقدرتها على الترميز من خلال تلوين الأشياء فالأخضر على سبيل المثال يبدو لون التجدد في قصة " العيد من النافذة الغربية " ( 77 ) التي هي قصة ذات بعد وطني واضح ، وهو تجدد بحاجة إلى صفاء من خلال الأزرق ووضوح يبدو من خلال الأبيض وهذه ألوان تملأ القصة وتصبغها بطابعها الرمزي .
أما الأشـياء فإن المرء لا يتصور مكاناً بلا أشياء ، لذلك فقد بدت أمكنة سميرة عزام مليئة بها ، فهناك صورة العذراء والشمع ، وهناك صور الفنانين ، وسقوف الغرف وهناك الكراسي والمقصات والخزائن ، ويمكن أن نمثل لعناية الكاتبة بالأشياء من خلال الأمثلة التالية :
-“ ورأى زوجته تفتح الخزانة . . . وتحشو بعض ملابس في ( بقجة ) ثم تتجه إلى الطاولة الصغيرة وتحمل صورتها في حفلة العرس “ ( 78 ) .
-“ وراحـت تنظر بتوتر إلى سقف الغرفة الممعن في الارتفاع وإلى نسخة غير أصلية من صورة " لتتيان " معلقة على الجدار قبالتها “ ( 79 ) .
- “ كراسٍ حائلة اللون ، مناضد ليس فيها قائمتان متساويتان أبداً ، وتلك الأريكة العتيقة تفرشها أم مخول بشرشف مطرز وترد عنها الشمس نهاراً بستارة “ ( 80 ) .
- “ وسكت معلمي حين دخل زبون رمى بنفسه على الكرسي الخشن وأسلم رأسه للمقص “ ( 81 ).
- “ خيمته أكبر خيام المخيم ألحق بها ثلاث خيمات صغيرة . . . ومكانه دائماً أمام باب الكبيرة منها إلى جانبه بسطة صفّ عليها صفوفاً من البضاعة يعرضها على اللاجئين بالثمن الذي يريد “ ( 83 ) .
- “ ما هي الكنيسة التي اختاروها له ليزفوها فيها ؟ أهي كبيرة ككنيسة ( الخضر ) ؟ وقورة تنتصب مثلها بجلال تنعقد في سمائها روائح البخور والشمع المحروق مع التبتل والابتهالات ؟ “ ( 83 )
إن الكاتبة مـن خلال هذه الأمثلة تستخدم الأشياء بكثافة مما يدلل على إدراكها دورها في كشف الهوية الطبقية والنفسية للشخصيات ، فحشو الملابس في ( بقجة ) يدل على السرعة والاضطراب ( وهذه حال اللجوء الفلسطيني عام 1948 ) وصورة لتتيان المعلقة على الجدار تدل على نفسية الأستاذ الخادعة التي تدعي الثقافة والتي أوقعت بطلة " الظل الكبير " ( 84 ) في حبائلها ، وخيمة أبي سليم في قصة " لأنه يحبهم " ( 85 ) تدل على أن مستواه الاجتماعي والطبقي وفكرة البرجوازي الذي أهّله لهذا المستوى ، تختلف كلها عن مستوى اللاجئين الآخرين على الرغم من أنه مثيلهم في اللجوء ، فيما يشيع وصف الكنيسة في النفس المهابة والجلال ، والحنين أيضاً إلى وطن مغتصب .
وصف الطبيعة ودلالته :
إذا كان المقهى و صالون الحلاقة و البيت أماكن مغلقة ، فكثيرا ما يتطلب العمل القصصي اتساعا يفضي بالقاص إلى الخروج إلى الطبيعة المجاورة أو الممتدة . ولا يمكن بحال إغفال أهمية الطبيعة في رسم الفضاء الذي تتحرك فيه الشخصيات ، لأنه يعبر عند الكتاب الموهوبين ، مثل عناصر القص الأخرى ، عن ألوان الشخصيات و طبائعها .
وفي الحق ، أن سميـرة عزام لم تسـتخدم وصف الطبيعة في قصصها على نطاق واسع ، وقد نبه يوسف اليوسف على ذلك حين قال :
“ في أدب سميرة عزام ثمة ملاحظة لا تخطئها العين ، و هي أن تلك الكاتبة قل أن تعنى بالطبيعة ، بل قل إنها لا تكاد تتذكر الطبيعة إلا حين تتذكر فلسطين ، فهي لا تعرض للطبيعة و كائنات الطبيعة إلا بوصفها وطنا مغدوراً أصبح ملكا للذاكرة و الحنين “ (86).
و يتيح لـنا الاستخدام الواعي للمفردة النقدية عند يوسف اليوسف (لا تكاد) أن نتحرك في حدود هامشية ضيقة ، هي في الحقيقة الحدود الضيقة التي وقفت فيها عزام عند الطبيعة .
و في هذه الحدود تبدو الطبيعة ضيقة و ممتدة فحين يرتبط الأمر بالفقر تقفز الطبيعة إلى الحارات وتهبط من رومانسيتها لتعانق هموم الناس الواقعية ، فحين خرج الأب في قصة “عقب سيجارة “ (87) لينادي القابلة غذ السير “يطوي الدروب التي يعرفها و يميزها رغم العتمة التي تعسكر في الدروب ، و الأزقة مبكرة إذ تشابكت الدور و تكاثفت الأسطحة فما تسمح للشمس بمنفذ “ (88) .
و في قصـة “المرأة الثانية “ (89) يقف الابن إلى جانب أبيه في حديقة الأغنياء “يقلب بصـره في اْنـحاء الحديقة الوسيعة ويحط عينيه على شجرات الورد واْحواض الزنبق الاْبيض “(90)
وتتسع الطبيعة حين يتعلق الأمر بفلسطين حيث البحر والربيع “كان الوقت ربيعاً ، وربيع فلسطين بحر اْزرق تتهادى عليه أشرعة المراكب البيضاء نهاراً ، وترصعه فوانيس قوارب الصيد ليلاً ، وبساتين برتقال يكثف عبقها الهواء “ (91)
من هنا يبدو اْن هذه الكاتبة تستخدم الطبيعة على قلة هذا الاستخدام ، في تقديم البيئة الطبقية الغنية والفقيرة ، والطبيعة الممتدة عندها ، جزء لا يتجزأ من صورة الوطن ، ففلسطين كانت سيدة المكان الطبيعي في قصصها وهو أْمر مشهود له في الأدب الفلسطيني، الذي كتب بعيد النكبة خاصةً .
ثالثاً : اتحاد الزمن بالمكان :
إن الزمن و المكان حـين يكوّنان إطار القص ، إنما يكوّنانه بوصفهما عنصرين متكاملين ، و إذا كان المرء يستطيع أن يفصل بينهما في أغلب مساحة البنية السردية فإنه نظرا لتداخلهما على بعض مساحة البنية ، لا يستطيع إلا أن يدرسهما معاً .
و إذا كان الدكتور حميد لحمداني يرى أن وصف المكان المحدد يفترض دائماً توقفاً زمنياً لسيرورة الحدث "(92 ) وأن هذا الوصـف يلتقي دائماً مع الانقطاع الزمني فإن المرء يستطيع ، خلافاً لذلك ، أن يتصور وصفاً للمكان دون ان يؤثر ذلك في السيرورة الزمانية و حيث يقدم المكان ذاته من خلال تطور الحدث ، دون أن يلغي ذلك إمكانية ، لا ضرورة ، حدوث مثل هذا الانقطاع الزمني أثناء وصف المكان .
ويمكن هنا أن نشير إلى أن الكاتبة القصصية سميرة عزام استطاعت في تقديمها بنية السـرد أن تقدم مكاناً متّحداً بالزمن . كما قدمت زماناً متّحداً بالمكان . فحين تقدم المكان الذي شهد نهاية الإنسان / الزمن في قصة "الساعة و الإنسان " (93 ) ترسم لوحة مكانية يكون الزمن أهم عناصرها :
“ لم يكن هناك شيء حي … بلى كانت هناك ساعة حائط تقوم في الجدار .. رقاصها يميل وصوتها يقول تك .. تك .. تك “ (94)
و في لوحة مكانيه أخرى تقدم الكاتبة زمناً له أبعاده النفسية أيضاً حيث يحضر الشارع بتفاصيله التأثيثية :
“ كان المساء كابياً ، وقد جثمت على المدينة سماء رمادية و لم تكن الأنوار الصغيرة الملونة قادرة على أن تتشبث بالنهار ، فقد غلفها الرذاذ الخفيف بضباب امتص ضوءها فلم تعد أكثر من نواصات حمراء أو خضراء “ (95) .
إذاً استطاعت سميرة عزام أن تؤطر قصصها بإطاري الزمن و المكان من خلال إدراكها أهمية الزمن و تقنياته _ تطبيقاً على الأقل – و ما يقدمه التنويع الإيقاعي الزمني ، و المفصل الزمني ، للقصة القصيرة من حيوية ، و لم تقتصر على طريقة واحدة للأداء الزمني .
أما على صعيد المكان فقد أدركت الكاتبة أهمية وصفه تفصيلياً وتعبيرياً ، حسب الاقتضاء وأناطت بتصويره وظائف شتى ووظفت الألوان و الأشياء ، و الطبيعة – بشكل أقل _ في تحديد فضاء القص .
وراحت الكاتبة أيضاً تقدم إطاري القص (الزمن و المكان ) من خلال بعضهما في محاولة منها للتنويع ، حتى تخلّص قارئها من الإملال .





$ $ $









هوامش:
(1)استفدنا في رسم تصور عام عن الزمن القصصي من :
-لحمداني ، د . حميد : بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي ، المركز الثقافي العربي ، بيروت ، الدار البيضاء ، ط 1 ، آب ، 1991. ص ص 73- 78
-يقطين ، سعيد : تحليـل الخطاب الروائي ( الزمن – السرد – التبئير) – دار النشر نفسها ، ط 1- 1989 – ص ص 59- 166 .
أما في دراسة المكان فقد اعتمدنا بشكل رئيسي في رسم هذا التصور على :
-قاسم ، سيزا : بناء الرواية ، دراسة مقارنة في " ثلاثية " نجيب محفوظ ، دار التنوير – بيروت ، ط1 ، 1985 – ص ص 97- 171 .
(2) لحمداني ، د. حميد : بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي ، مرجع سابق ، ص 73.
(3)قاسم ، سيزا : بناء الرواية ، مرجع سابق ، ص 56 .
(4) عزا م ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 67 – 77 .
(5)المصدر نفسه ، ص72 .
(6)عزام ، سميرة : وقصص أخرى ، ص ص 23 – 32.
(7)المصدر نفسه ، ص 29 .
(8)نفسه ، ص ص 73 – 93 .
(9)نفسه ، ص 84 .
(10)عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص 8.
(11)المصدر نفسه ، ص 9
(12)عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 83- 93
(13)المصدر نفسه ، ص 87 .
(14)لحمداني ، د . حميد : بنية النص السردي من منظور النص الأدبي ، مرجع سابق ، ص ص 76 – 77 .
ويقترح جيرار جينت اسماً لهذا التوتر هو الايقاع الزماني . المصدر نفسه ، ص 116
(15)عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 41- 51 .
(16)المصدر نفسه ، ص 49.
(17) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 83- 92
(18)المصدر نفسه،ص 90.
(19) المصدر نفسه ص ص 111ـ 118.
(20) نفسه ص ص 114ـ115.
(21) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص 14.
(22) المصدر نفسه ، ص ص 5ـ 10.
(23) نفسه ، ص 7.
(24)عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 95ـ103.
(25)المصدر نفسه ، ص ص97ـ98.
(26) نفسه ، ص ص125ـ129.
(27)نفسه،ص128.
(28) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص 14.
(29) عزام ، سميرة : الظل الكبير ص ص 29ـ35.
(30) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 111ـ118.
(31) المصدر نفسه ، ص 116.
(*)هكذا في الأصل والصواب إحدى.
(32)نفسه ، ص 11.
(33)عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص ص 37-45 .
(34)المصدر نفسه ، ص 44 .
(35)يستخدم القاص الفلسطيني حسن حميد على سبيل المثال ،الزمن بصيغته اللفظية فقط دون أن يحمله أي دلالات إذ يأتـي بألفـاظ الزمن بشـكل مباشر دون اللجوء إلى طرق أخرى لأداء الزمن القصصي. يمكن النظر في:
ـ حطينـي ، يوسف : قرنفل أحمر لأجلها : لعبة الإيهام بالفن والواقع ، مجلة الحرية ، بيروت ، العدد 422 (1497) ، 15-21\ 9\1991 م ، ص ص 39- 41.
(36)عزام ، سميرة : وقصص أخرى ، ص ص 105 – 113.
(37) المصدر نفسه ، ص 109 .
(38) المصدر نفسه ، ص ص 23- 32 .
(39) المصدر نفسه ، ص 26 .
(40) نفسه ، ص ص 73- 93 .
(41) نفسه ، ص 80.
(42) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص 42 .
(44) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص 71.
(45) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص ص 47- 54.
(46) المصدر نفسه ، ص 50 .
(47) نفسه ، ص 52.
(48) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 73- 81.
(49) المصدر نفسه ، ص 79.
(50) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ص ص 37- 45 .
(51) المصدر نفسه ، ص 41 .
(52) نفسه ، ص39.
(53) عزام ، سميرة : وقصص أخرى ، ص ص 23-32 .
(54) المصدر نفسه ، ص 31 .
(55) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ص 14 .
(56) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 59 – 65 .
(57)المصدر نفسه ، ص ص 63- 64 .
(58) عزام ، سميرة : الظل الكبير ص 130.
(59)عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ص ص 95- 103.
(60 ) عزام ، سميرة : وقصص أخرى ، ص ص 55 ، 63 .
(61) المصدر نفسه ، ص 59 .
(62) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 63 – 72 .
(63 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص 72 .
( 64) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 95 – 103.
( 65) المصدر نفسه ، ص ص 27 – 40 .
(66) نفسه ، ص 39 .
(*) استفدنا في رسم هذه الشجرة بعد أن أجرينا عليها تعديلاً طفيفاً من :
- قاسم ، سيزا : بناء الرواية ، مرجع سابق ، ص 121.
( 67 ) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص 20 .
( 68 ) عزام ، سميرة : وقصص أخرى ، ص 57 .
(69) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص 13.
(70) عزام ، سميرة : وقصص أخرى ، ص 57 .
(71) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص 9.
(72) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص 13.
(73) المصدر نفسه ، ص 7 .
(74) نفسه ، ص 49.
( 75 ) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة : ص ص 17 – 16 .
( 76 ) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية : ص ص 5 – 10 .
( 77 ) المصدر نفسه ، ص ص 47 – 54 .
( 78 ) عزام ، سميرة : وقصص أخرى ، ص 28 .
( 79 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص 15 .
( 80 ) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص 13 .
( 81 ) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص 45 .
( 82 ) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص 17 .
( 83 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص 52 .
( 84 ) المصدر نفسه ص ص 7 – 17 .
( 85 ) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 7 – 25 .
(86) اليوسف ، يوسف : الشخصية و القيمة و الأسلوب (دراسة في أدب سميرة عزام ) ، مرجع سابق ، ص 31 .
(87) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 49 - 58 .
(88)المصدر نفسه ، ص 53 .
(89) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 93 – 105 .
(90 ) المصدر نفسه ، ص ص 98 –99 .
(91 ) عزام ، سميرة : وقصص أخرى ،ص 83.
(92 ) لحمداني ، حميد : بنية النص السردي من منظور النقد الأدبي ، مرجع سابق ،ص 63 .
(93 ) عزام ، سميرة : الساعة و الإنسان و ص ص 27 – 40 .
(94 ) المصدر نفسه ، ص 40 .
( 95 ) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص 13 .