لكل الناس وطن يسكنون فيه، أما نحن فلنا وطن يسكن فينا

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

قصص قصيرة جداً: مرايا

مرايا

د. يوسف حطيني


1 ـ نيوتن
يدخل ذلك الفلاح العجوز إلى حديقة القصر، يتأمل الأشجار الباسقة التي تحمل أشهى الثمار، ينظف الأرض، يشذب الفروع والأغصان، يقلمها،ثم يرتاح في ظل شجرة تفاح كبيرة، وهو يحلم: لعل تفاحة شهية حمراء تسقط فوق رأسه.
هذا ما يفعله منذ كان شاباً
أما اليوم بالذات، فقد حدث شيء غريب:
حين جلس تحت الشجرة، لم تسقط أي تفاحة أيضاً.
2001

2 - براقش
كَتَبَتْ قصيدة جديدة: عـو .. عـو.. عـو..، فاستباحها العسكر.
1994
3 ـ في انتظار غودو
قصيدة مدبجة في المدح فتحت ساقيها، وراحت تنتظر، ولكن شهريار لا يحب الشعر!
1997
4 ـ حجّاج
حين وصل إلى القمة قال: إذا أخطأت فقوموني.
الرجل ذو العمة الخضراء كان يتنطح في كل مناسبة ليقومه.
في يوم ما وعده أمام الجميع ألا يخطئ أمامه أي خطأ.
وكم كانت فرحته غامرة قبل أن تأتيه حمامة سليمان بالبرقية التالية:
بأمر من السلطان المعظم عليك مغادرة البلاد فوراً.
2000

5 ـ على ذمة جدتي
في زمن مضى كان الحمار يمشي منتصب القامة على قدمين، ويذرع البلاد طولاً وعرضاً وهو ينظر إلى الشمس بتحدٍّ.
وفي يوم فاصل في حياته طلب منه الشيطان أن ينحني ليوصله على ظهره إلى نهاية الزقاق، على أن يحني الشيطان ظهره بالمقابل للحمار حتى يوصله رأس إلى الزقاق التالي.
"سنلعب لعبة مسلية" قال الشيطان.
ولأن الحمار حمار فقد وافق على أن يكون البادئ بالانحناء.
وفي نهاية الزقاق اكتشف بحزن شديد أنه لن يستطيع رفع ظهره أو رأسه أو ينظر إلى الشمس مرة أخرى.
1990
6 ـ شهرزاد
بدأت برواية قصتها الأولى، ولأن أبو العباس السفاح استفاد من تجربته السابقة معها لم يسمح لها أن بمزيد من الكلام لأنه كان مشغولاً بالإعداد للفرح في اليوم التالي.
تابع حكايته هو كما رسمها، وقبل أن يطلع الصباح سكتت شهرزاد عن الكلام المباح.
1993

7 ـ سندريلا
الأب: رجل عصبي.
الأم: تعرف أنه لم يكن كذلك قبل أن يتسلط عليه الفقر، فيتركه أسير النزق.
الابن: يتمنى أن يسمع من أبيه قصة سندريلا التي تتحول من فقيرة إلى أميرة. ولكن الأب الذي يؤمن أن هذا لا يحدث إلا في الأساطير والخرافات يُدخل في كل مرة تعديلاً جديداً على الحكاية.
: عندما ماتت والدة سندريلا بقي الأب مخلصاً لذكراها، وحين مات لم يورثها غير الفقر.
:حين عاد الجميع من الحفل كانت سندريلا ما تزال مشغولة بفصل الرز عن العدس.
: حين رأت ابنة عم الأمير جمال سندريلا الباهر طردتها من الحفلة.
عندما داهم الأبَ الذي صار جَداً مرضُ الموت، قرر أن ينتصر على عقده ولو لليلة واحدة حتى يحكي لابنه الذي صار أباً حكاية سندريلا كما يرويها الجميع.
وحين قال: وهكذا دخل حراس الأمير بيت سندريلا وهم يحملون فردة الحذاء، فاجأه الابن بهذه التتمة:
وكانت دهشتها عظيمة حين كان الحذاء ضيقاً لأن رجليها كانتا قد تورمتا من البرد.
1999

8 _ من يوميات أبي عبد الله الصغير
حين دخل إلى الأرض المحتلة فرح الجميع بعودته الميمونة..
بعد أيام أو أشهر أو سنوات اكتشفوا أنه لم يكن يحمل معه خبزاً أو آساً أو حلماً..
وعندما سألوه عن حيفا وطبريا وعكا بكى..
جاءه صوت الأرض من عمق خمسة قرون ماضية:
ابكِ مثلَ النّساء ملكاً مضاعاً
لم تحافظ عليه مثل الرجالِ
1998

9 ـ العدوّ من أمامكم
أحب الشعب قائده كثيراً، حمله على الأكتاف عقوداً، خاض انتفاضة تلو أخرى، وكان اسم القائد يتردد مثل بطل أسطوري.
لم ييئس الشعب من قائده، ولا من الكفاح، فحمله على الأكتاف هذه المرة إلى ساحة المواجهة، وهناك أُحرقت المراكب، وقال الشعب ما قاله طارق بن زياد، وعندما أدرك القائد أنه محاصر من جميع الجهات لم يفعل ما فعله طارق، ولكنه وقّع معاهدة للصلح.
1998
10 ـ النمور قي يوم ما!
إلى زكريا تامر المعلم..
صارت المدينة الكبيرة قفصاً، وصار النمر مواطناً، وعندما امتنع السجان عن تزويده بالطعام جاع.
ولأن المدينة لم تكن تضم سوى السجن والسجان والعبيد فقد راح الجائع يلتهم أهله واحداً واحداً، وقبل أن ينتهي منهم جميعاً فكّر السجان بهلع:
ماذا سيأكل حين ينتهي من التهامهم.
1997