لكل الناس وطن يسكنون فيه، أما نحن فلنا وطن يسكن فينا

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

دراسة: سميرة عزام: الشخصيات: أنواعها وطرق بنائها

سميرة عزام :الشخصيات – أنواعها و طرق بنائها

د. يوسف حطيني


لا تكتسب الشخصيات أهميتها الاستثنائية من حيث فعلها بالحدث فحسب ، وإنما بوصفها مكونـاً أساسياً لا يقوم الحـدث إلا به ، ولا يرسـم الزمان والمـكان إلا ليحتويا حركته أو ليجسدا انطباعاته عليهما .
ذلك أن الشخصية هي أحد العناصر الرئيسية التي لا يجادل أحد من النقاد والدارسين في ضرورة عدم تجاوزها في أية دراسة قصصية تسعى لأن تكون شاملة . .
وفـي القصة القصيرة ، حيث يستطيع المرء أن يميز بسهولة - فيما إذا قورن ذلك بفنون القصص الأخرى - بين شخصياتها في مراتبها وصفاتها وطرق بنائها ودرجة تطورها ، تقف الشخصيات عارية أمام عيني الناقد في تضاعيف الصفحات إذ لا تستطيع أن تخفي بعض عيوبها في تضاعيف الصفحات كما يحدث في الرواية مثلا . . . وإذا كانت دراسة شخصيات القصة القصيرة ، من حيث إمكانية الإحاطة بها ، أسهل على الناقـد من دراسة الشخصيات الروائية ، فإن هذا لا يفترض سهولة مشابهة في نسج هذه الشخصيات ذلك أن رسمها وفق تراتب محدد يتم حسب قوانين لا تتهاون بالمغالطة ، حيث يبدو أي نشاز في الشخصية ، دون عناء كبير ، ناتئاً بشكل بيّن على مساحة القص .
إنّ شخصيـات القصة القصيرة “ تولد دائماً ذلك الإحساس بالشخصيات الخارجة على القانون التي تهيم على حواف المجتمع " ( 1 ) . إنها لا تخضع للعامّ الاجتماعي ، وإنما تعيش أزمته فتنفرد بجدارة القص .
وهذه الشخصيات ليست كاملة الأبعاد وإنما هي زوايا رؤية تظل الشخصيات بموجبها على بعد كافٍ يمكّن المرء من تكوين الانطباع الذي تسعى القصة القصيرة إلى تركه في نفس المتلقي( 2 )ولا تترك القصة القصيرة مجالاً واسعاً لتعدد الشخصيات ولا تقدم من هذه الشخصيات إلا بعض الملامح الخارجية أو النفسية مما يجعل تقديم صورةً كاملةً للشخصية أمراً شاذ اً في القصة القصيرة ،مما يجعل الشخصيات مجرد ملامح يقدمها الكاتب بتركيز شديد .
أولاً _ أنواع الشخصيات :
لقد قدمت سميرة عزام شخصياتها ، بشكل تراتبي داخل قصصها ، تتوزع على عدة طبقات من سلم الشخصيات من حيث فاعليتها بالحدث إذ يمكن أن نجد لها عند الكاتبة ، أنواعاً مختلفة نحاول اختصارها في خمسة نماذج ( 3 ) .
أ - الشخصية الرئيسية
ب - الشخصية الثانوية
ج - الشخصية العابرة الوظيفية
د - الشخصية المساعدة
هـ – الشخصية المعيقة
أ – الشخصية الرئيسية :
ما من قصة تقص دون فاعلٍ في الأحداث ، وبوصف الأحداث جزء اً لازماً للعمل القصصي ، فإن ذلك تطلب دائماً شخصيات تقوم بها ، إذ تصبح هذه الأحداث بحاجة إلى أصناف من الشخصيات تسعى كل منها إلى القيام بمهمة ما في العمل القصصي ..
وحـيث يكون الدور الذي ستقوم به الشخصية رئيسياً تكون الشخصية الرئيسية التي تذكر بوصفها أكثر العناصر القصصية استقراراً في الذهن .
ولهـذه الشخصية الرئيسية عند سميرة عزام عدة مواصفات تحققها فهي القائمة بالأحداث ، الرئيسية في القصة ، دون أن يعني ذلك أنها قائمة بكل الأحداث ، وهي ، حين تذكر ، إنما تذكر بالأحداث التي قامت بها كونها تتزعم اللعبة السردية التي تقوم أساسـاً على تطور الحدث . ويمكن للتمثيل أن نتابع صفة الفاعلية في الشخصية الرئيسية في قصص الكاتبة من خلال شخصية حسن في قصة " في الطريق إلى برك سليمان " ( 4 ) إذ يبرز مدى فاعليتها في ثلاثة مستويات :
1-مستوى الفاعلية الحقيقية المتفردة : إذ يبدو حسن فاعلا متفردا في الحدث و تبرز هذه الصورة بشكل طاغ على مساحة القص ، حيث نستطيع أن نقرأ سياقات لفظية من أمثال :
“ و أطلق رصاصته الأخيرة “ ( 5 )
“ و راح يدور على السطح “ ( 6 )
“ و شدها من يدها “ ( 7 )
“ و أراح الطفل على التراب “ ( 8 )
2- مستوى الفاعلية الوهمية المتفردة : و يبدو حسن هنا فاعلاً ، يحاول أن يكون متفـرداً ، إذ تبدو أفعال الآخرين – زوجته بشكل خاص – مجرد انعكاسات على أفعاله هو . فهو ينتزع جدارة الفاعلية عمن حوله ، و يبدو هذا خلال السياقين التاليين :
_ “ و رأى زوجته تفتح الخزانة “ ( 9 )
_ “ فسمعها تنادي “ ( 10 )
3- مستوى الفاعلية الحقيقية المشتركة : إذ تلجأ الشخصية الرئيسية ، إصراراً منها على الفاعلية إلى المشاركة اللغوية بالفعل ، فهذه الشخصية ، حين تقوم الشخصيات الأخرى بالفعل ، تشاركها هذا الفعل حيث يبدو البطل فاعلا في هذا المستوى أيضا ، و يمكن أن نقرأ أمثلة في السياقات السردية التالية :
_ “ و هبطا السلّم معاً “ ( 11 )
_ “ و ركضا معاً … ظلا يركضان “ ( 12 )
_ “ و انطلقا زوجته بالبقجة ، و هو بعمر “ ( 13 )
فإذا تجاوزنا الفاعلية ، وجدنا صفة أخرى تقدمها سميرة عزام من خلال شخصياتها الرئيسية ، إذ تبدو هذه الشخصيات تطورية ، سواء انعكس تطورها في فكرها أو في ممارستها التي هي ترجمة لهذا الفكر ، و يمكن تدليلا على هذه الصفة أن نشير إلى شخصية الفتى في قصة “ المرأة الثانية “ (14) إذ يقَّبل فاطمةَ في بداية القصة لأنها أعطته قطعة من حلاوة عم ياسين إذ يراها خالها و يصفعه صفعة شديدة على خده .
و فيما بعد حين يتعرف على الفتاة الغنية ، في الحديقة التي صار يعمل فيها مع والده ، يحبها لأنها تطعمه الحلوى و لان لها خصلات شعر تلامس فمها حين تعبث به الريح ، و يندهش لأنها تزوجت دون أن تخبره ، و في نهاية القصة يغافل الجميع ، و يدخل إلى غرفتها حيث كانت تضع صورتها على المنضدة :
“ و اتجه إلى الصورة يحملها و يحدق إليها من خلال الدموع في عينيه ، و قليلا قليلاً … أدناها من وجهه ، وقد تلفت حوله مرتين … و قرب شفتيه … و قبلها طويلا … و بحركة مذعورة … رفع يده إلى خده “ ( 15 )
ان هـذه النهاية تحمل تطورين مهمين في الشخصية ، فالتطور الأول هو تحول الفتى من محب لبنت الجيران الفقيرة الصغيرة التي تطعمه الحلاوة ، إلى محب واع للفرق الجنسـي ، يحب أسنان الفتاة الغنية البيضاء ، وشكلها حين تلبس أحد قمصانها الحمراء وأما التطور الثاني فهو إدراكه لوضعه الطبقي عن طريق محاولة تلقي صفعة الطبقة الغنية حين يرفع يده إلى خده بعد أن يقبل صورة الفتاة .
و ثمة صفة ثالثة تقدمها الكاتبة في شخصياتها الرئيسية ، فهذه الشخصيات قادرة أبدا على مفاجئتنا بتصرفاتها ، و لا تعني هذه المفاجأة طبعا عدم المنطقية في تقديم تصرف مقنع ، وذلك أن المفاجأة الحدثيّة تكون للحدث ذاته و لا تمس منطقية البنية السردية و الأمثلـة التي تحقق الشخصيات مفاجأتها من خلال المنطق السردي أكثر من أن تحصىو لكن لا بأس من الإشارة إلى مثال واحد تقدمه الشخصية الرئيسـية في قصـة “حتى العيـون الزجاج تندى “ ( 16 ) ، وهي شخصية غير مسماة ، لرجل يعيش من كسب أموال أهل الميــتين لقاء ( البكاء عليهم ) و ندبهم !! هذا الرجل يفاجئنا و لا يفاجئ السرد طبعا – حين يتعلق الأمر بصديقه إذ يغلّب الناحية الإنسانية في نفسه ، يسلم على آل الميت و يخرج ، بدلا من قراءة قصائد الرثاء ، التي تستمطر الرحمة على الميت رياء ، و لا يهدف من ورائها سوى كسب المزيد من المال يدفعه آل الميت عن رضى أو إحراج .
وثمة صفة أخرى للشخصية الرئيسية ، هي كونها محورية دائماً ، حيث تحشد الأحداث والزمان والمكان والشخصيات الأخرى ، الثانوية والعابرة والوظيفية والمساعدة والمعيقة من أجـل تبيين مواقفها من الحدث الطارئ بشكل خاص ومن الحياة بشكل عام . . ولعل شخصيـة سعاد في قصة " إلى حين " ( 17 ) تجلّي هذا الأمر إذ تتضافر العمتان والخادمة وفهمي والشرفة والطريق على إضاءة شخصية سعاد التي استسلمت لأحلام العمتين في زواج طبقي محترم ، ولأحلامها في حب تجاه فهمي ، لم ينشأ في القلب ، وإنما نشأ على الشرفة وفي الطريق وفي مساحة الرؤى والأحلام الكبيرة أيضاً .
وثمة ظاهرة تنبغي الإشارة إليها في القصة القصيرة ، وهي تميز هذا النوع من القص بقلة تعدد الشخصيات الرئيسية في القصة الواحدة ، وفي قصة " خبز الفداء " ( 18 ) مثال على تعدد الشخصية الرئيسية ، على ندرته ، حيث يتناوب رامز وسعاد على تزعم اللعبة السردية في القصة ، وإن كان رامز يمسك ، بشكل أكبر بزمام السرد كونه راوياً لها .
ب – الشخصية الثانوية :
تسير الشخصية الثانوية ، جنباً إلى جنب ، مع الشخصية الرئيسية ، وتنفعل بالأحداث من حولهـا ، دون أن تكون فاعلة بها إلا في نطاق ضيق ، وقد قدمت الكاتبة هذا النوع من الشخصيات سائراً ضمن اللعبة السردية ، عكس الشخصيات الرئيسية التي تسّير اللعبة السردية وفق رؤاها ، ومنطقها الخاص ، وتمكن الإشارة هنا إلى عدد من الشخصيات الثانوية في قصص الكاتبة لاستكناه بعْض صفاتها وملامحها .
شخصية " عوض " في قصة "حكايتها " ( 19 ) ، تبدو سكونية مسطحة ، محافظةً على صفاتها الدنيئة ،ولا تعكس أفعالها وأقوالها أي تطور في منظوماتها الفكرية.
ونستطيـع أن نجلي هذا الأمر من خلال بعض سياقات رسالة الأخت البغي إلى أخيها بعد أن رأته يحمل مسدسًا لقتلها انتقاماً لشرفها المهدور :
“ وأدركت أن ( عوض ) لن يدعك إلا بعد أن يملأ رأسك بقصتي “ (20)
“ ألم يزد عوض يا ترى شيئاً على: اقتلها “ (21)
“وعلى المنعطف رأيت ( عوض ) يطالعني بوجهه البغيض ، وابتسامته الصفراء “ (22)
“ سبقتني إشاعات (*) عوض ودناءته يمجها مع أخباره هنا وهناك . . “ (23 )
إن السياقات المختارة السابقة ، تستطيع أن ترسم بعض ملامح عوض ، من بداية القصة إلى نهايتها ، فهو من الناحية النفسية " السيكولوجية " لئيم ، يريد أن ينتقم من فتاة رفضت أن تمنحه نفسها ، على الرغم من فقرها ، واتجارها بالدعارة بعد ذلك ، وهذا الانتقام يكون عن طريق أخيها الذي كان صغيراً حين دفعتها اللقمة إلى طريق البغاء . أما من الناحية الخارجية المظهرية فهو صاحب وجه بغيض ، وابتسامة صفراء ، وهاتان صفتـان تعززان واقعة الداخلي تعزيزاً عميقاً . وهذا الواقع – الداخلي والخارجي – ظل عوض محافظاً عليه من بداية القص إلى نهايته . وإذا كانت هذه الشخصية الثانوية قد حاولت أن تقوم ببعض الأعمال الصغيرة فإنها بقيت حوادث خاضعة للقوانين العامة لهذه القصـة ، وفق ما رسمتها الشخصية الرئيسية ، خضوعاً كلياً . وتمكن هنا الإشارة أيضاً ، إلى شخصية المدير ، في قصة " وأما بعد " ( 24 ) ، وهي شخصية ثانوية أيضاً ، تحتفظ برؤاها ، وتأثيراتها في الشخصيات ، فهي تتصرف بالطريقة نفسها على مساحة القص ، وهي عاجزة أبداً عن مفاجئتنا لأنها عاجزة عـن التطـور ، ومحكومـة بنسيجهـا الطبقي الذي يبوئها مكانة رفيعة في السلم الاجتماعي ، كما أنها محكومة بنسيجها النفسي العام .
ولو كانت هذه الشخصية قادرة على اتخاذ قرار يخالف طبيعتها النفسية والفكرية العامة لاستحقت جدارة الخروج عن المألوف ، وعاشت أزمتها ، وأصبحت رئيسية . ويمكن أن نرصد جانبا من شخصية المدير الذي يرفض أن يعطي سلفة صغيرة لأحد موظفيه ، ولا يتوانى عن إنفاق المبالغ الطائلة على عشيقاته ، وذلك من خلال السياقات التالية :
- “ ويناولها ورقة تهتز في يديه ، ويقول : “ ( . . . ) عليهم أن يتعلموا كيف يعيشون في حدود مداخيلهم “ (25)
- “ لماذا أخبرت زوجتي بقصة زجاجات العطر “ (26)
-“ وصرفها بحركة من سيجارة فاستدارت “ (27)
-” أمثال المدير لا يسألون عن الثمن “ ( 28 ) .
-” يخونون ويعقدون الصفقات بنفس الكفاءة ( * ) “ ( 29 ) .
إن المدير يبدو من خلال هذه السياقات ، ومن خلال القصة عامةً ، من الناحية الداخلية غير مبالٍ بما يعاني الآخرون من صعوبات مادية ، فهو يعاني من أنانية شخصية وطبقية في آنٍ معاً ، وهو يخون ذاته ومن حوله ، ويعقد الصفقات بالكفاءة نفسها . أما من الناحية الخارجية فيبدو منتفخاً متأففاً ، متأنقاً ، يقيم الدنيا ويقعدها بإشارة من سيجاره الذي يعد علامة من علاماته المميزة .
ج - الشخصية العابرة الوظيفية :
إن هذه الشخصية ، وفق ما نرى ونقترح ، لا تقوم بالعمل القصصي إلا بدور محدود يكون بالضرورة ، ذا أثر بيّن في سير الأحداث وتطور الشخصية الرئيسية ، وهي تختلف عنها في أنها تصادف الشخصية الرئيسية على مساحة القص ، ولا تظهر إلا لتؤدي دورها وتنسحب ، حيث يبقى وجودها مرتبطا ًفقط بدورها الصغير المفصلي الذي يؤدي إلى انحراف مسار العمل القصصي وهي تختلف أيضاً عن الشخصية الثانوية في أنها لا تسير جنباً إلى جنب مع الشخصية الرئيسية ولا تنفعل بالأحداث حولها ، وإنما يكون ظهورها عرضياً .
ويمكن أن نمثل لهذه الشخصية بالرجل الناصري في قصة " عـام آخر " ( 30 ) إذ يقتصر دوره على إبلاغ أم عبود أن ابنتها لن تستطيع الحضور هذا العام إلى بوابة مندلبوم ، الأمر الذي يلوّن نهاية القصة بالمأساوية .
وهناك أيضـاً شخصيـة ابنة خزنة ،المرأة التي تحترف البكاء على الموتى في قصة "دمـوع للبيع " ( 31 ) إذ يقتصر دورها على الموت فقط ، مما سيقلب الشخصية الرئيسية رأساً على عقب ، حيث يبدو موت الابنة مفصلاً حقيقياً من مفاصل القصة ، ولعله المفصل الأهم فيها . وهناك أيضاً من الشخصيات العابرة الوظيفية شخصية بائع الصحف الجديـد ، في قصة " بائع الصحف " ( 32 ) ، وهو الذي حل محل الصبي الذي مات تحت عجـلات الحافلة . إن دور البائع الجديد هو مجرد إجراء نوع من المقارنة بين الماضي المكتنز الذي يمثله الأول .. والحاضر الفارغ الذي يمثله الثاني ، مما سيضفي مسحة من الحزن على نهاية القصة يضاف إلى حزنها الأول . ولا تكاد قصة تخلو من شخصية عابرة ، تقول كلمتها في الحدث والبناء وتمضي ، ولا يبقى منها إلى آثارها ، أما صفتها الصورية والنفسية فقل أن تظهر ، وقل أن تبقى في الذاكرة .
د - الشخصية المساعدة :
وفي هذا النوع من الشخصيات تسير الشخصية بشكل مواز للشخصية الرئيسية ، وتدفعها على مساحة القص لكي تقوم بأعمالها ، حيث تبدو هذه الشخصية المساعدة رديفةً من الناحية النظرية أو العملية ، للشخصية الرئيسية في تحقيق مشروعها . ومن الأمثلة الواضحة على هذه الشخصية في قصص عزام شخصية الشاب الذي أحبته بطلة " الأشياء الصغيرة " ( 33 ) حيث استطاعت أن تنتصر على أبيها وأمها وعمتها ، وقبل هؤلاء على نفسها ، من خلال وجود هذا الشاب في نفسها بصفاته المحددة الخارجية والداخلية : صورته في المرآة المثبتة أمام سائق السيارة ، لون شعره ، وشكل شفته السفلى ، و عدم تفاهتـه ، لذلك كله لم تخف منه حين انتقلت إلى نصرها المؤزر على نفسها ، كما تراه هي : “ ولم تقل شيئا ً.. ما كان بوسعها أن تقول شيئاً ، كانت شفتاه على شفتيها دافئتين .. رفيقتين “ ( 34 ) .
شخصية جمعة في قصة " سأتعشى الليلـة " ( 35 ) هي شخصية مساعدة ، فجمعة ، بائع الشواء ، كان مراقباً بشكل دائم ، من قبل الفتى العاجز الذي تعلم الشواء عن طريق المراقبة وظروفه هي التي سمحت لهذا الفتى أن ينتصر على عجزه انتصاراً نهائياً .
وهناك شخصيات مساعدة أخرى لا مجال لحصرها ، وهي تكاد تشكل حضوراً مستمراً في قصص عزام ، وتظهر عادة بصفاتها النفسية " السيكولوجية " والخارجية ليكون وقوفها إلى جانب الشخصية الرئيسية مقنعاً .
هـ – الشخصية المعيقة :
تظهر الشخصيات المعيقة في بنية السرد لتحاول حرف الشخصية الرئيسية عن تحقيق مشروعها العملي والنظري ، وتجتهد هذه الشخصيات في تعطيل حركة السرد ، ويضفي وجودها على القصة حركة وتشويقاً حال وجودها . إذ إن تقديم المعيق على شكل شخصية مقنع أكثر للقارئ ، بواسطة تجسيمه ، من المعيق الذي يظهر على شكل فكرة مجردة أو ظرف عام محيط .
شخصية الرجل في قصة " نصيب " ( 36 ) ، هي شخصية معيقة للفتاة التي جاء ليتزوجها . إنها مثقفة ولا تؤمن بالنصيب ، ولكنه – ومن خلفه المجتمع – يوجه صفعة لأفكارها وأحلامها جميعاً ويمكن أن نرصد ذلك من خلال السياقات التالية:
“ كـان رجلاً في سنه ، رجلاً في حركاته ، رجلاً في تفكيره ، وكان معتزاً بهذا كله أكثر مما تحب “ ( 37 ) .
“ فيه أشـياء ، لم تحبها ، غرور ليس إلى حد الفسـاد ، حب للمظـاهر لم يكن في
طبيعتها “ ( 38 ) .
“ قال لها إنه يقرأ وإنه يحب الموسيقى ، ولكنها لم تكن ميـالة إلى تصديقه “ ( 39 ) .
“ تعب من النساء “ ( 40 )
“ وسألته مرة : “ ألن تساعدني في تجفيف الصحون بعد أن أغسلها ؟ “ فقال وهو يضحك : “هذا إذا تركتك تغسلين الصحون “ ( 41 ) .
“ وتريدين أن أستظهر لك دواوين الحب ! “ ( 42 ) .
إن هذه الشخصية تقف بالمرصاد لأي تطور ممكن لشخصية البطلة . والشخصية الرئيسية لم تستطيع بسبب هذه العوائق أن تحقق ذاتها ، فاستسلمت لتعقيده مع بساطتها ، ولحبه للمظاهر مع كرهها لها ، ولادعائه حبه الموسيقي مع حبها الحقيقي لها ، ولسخريته من الشعر في حين إنها كانت تحلم بزوج شاعري يساعدها في صنع كعكة البرتقال ، أو عجة البطاطس ، ويقبلها مرة كل عشر دقائق .
في قصة " صبي الكـواء " ( 43 ) يبدو المعلم آرام شخصية معيقة لشخصية رزق الرئيسية في القصة ، وذلك من خلال إعلانه عن عزمه على عدم تعليم رزق هذه الصنعة حتى لا ينافسه في السوق ، كما فعل جميع من علمهم قبله ، ولكن هذه الشخصية المعيقة لا تنجح هنا ، بخلاف شخصية الرجل في القصة السابقة ، في أن تحرف المشروع الذي يحمله رزق في نفسه عن سيره الطبيعي .
وثمة ملاحظة تنبغي الإشارة إليها هنا ، وهي أن الشخصية قد تتحول من شخصية مساعدة إلى شخصية معيقة ، أي أنها قد تتطور ، من وجهة نظر الشخصية الرئيسية فقط ، حيث يكون وعي الشخصية الرئيسية لها ناقصاً ، وهو الذي يحولها ، عبر القص ، من كونها مساعدة إلى كونها معيقة . وشخصية أستاذ الفلسفة في قصة " الظـل الكبير " ( 44 ) هي مثال ناصع على ذلك ، فهذا الأستاذ هو الذي قاد بطلة القصة إلى محاولة تحقيق ذاتها ، غير أن وعيها الناقص بشخصيته لم يترك لها إلا الدموع والندم في النهاية ، حين تكتشف أنه ليس أكثر من معيق آخر في طريق تميزها من الأخريات .
وثمة ملاحظة أخرى نسوقها هنا على التداخل المحتمل بين أنواع الشخصيات ، حيث يمكن أن نلمس مثل هذا التداخل في عدد من القصص .
ثانياً – طرق بناء الشخصيات :
يستطيع الكاتب من أجل تثبيت شخصية ما في الذهن أن يلجأ إلى طرق متعددة ، فهو إما أن يقدمها لنا مباشرة ً عن طريق التصوير اللغوي ، بصفاتها الخارجية والداخلية ، وإما أن يقدمها لنا من خلال ما تحدثه من آثار على عناصر القص الأخرى .
وفي القصة القصيرة لا يقدم لنا الكاتب من شخصياته إلا بعض الملامح حيث نستطيع أن نجد شخصية نفسية ( سيكولوجية ) وأخرى فاعلة دون أن نجد شخصية كاملة .
واعتماداً على استقراء قصص سميرة عزام ، وعلى القراءات المقاربة لبعض كتب النقد الأدبي النظري والتطبيقي ( 45 ) يستطيع المرء أن يستقرئ طريقتين لبناء الملامح الشخصية عند الكاتبة ، وهما : الطريقة التصويرية والطريقة التركيبية .
1ً- الطريقة التصويرية :
تقوم إحدى طرق بنـاء الملامح الشخصية عند سميرة عزام على تقديم بعض هذه الملامح بطريقة مبـاشرة ، مـن خلال وصفها لغوياً بصفات ذات طابع مظهري خارجي ، أو بصفات أخرى ذات طابع نفسي " سيكولوجي " ، إذ تبدو الصفات الخارجية من خلال الاسم والمظـهر والملبس والمأكـل ...فيما تبـدو الصفات الداخلية من خلال صفات نفسية " سيكولوجية " تطلقها الكاتبة على شخصياتها .
فيما يتعلق بتقنية استخدام التسمية ، يبدو أن الكاتبة كانت تدرك أن “ التسمية أبسط أشكال التشخيص ، وكل تسمية نوع من أنواع البعث والأحياء وخلق الفرد “( 46 ) على الرغم من أنها تتعمد في كثير من الأحيان إغفال الاسم لأسباب ذات بعد دلالي ، وتمكن الإشارة إلى بعض السياقات القصصية عند الكاتبة لتبيين وظيفة غياب الاسم .
“ أيمكن أن يكون للست اسم “ (47 )
“ولم يشأ أن يذكر اسمه ، فاسمه لا يقدم ولا يؤخر في مكان تتوافد عليه الوجوه والأسمـاء وهو ليس متيقناً قط بأن السكرتيرة قد حفظت اسماً يكاد هو نفسه لا يحفظه ، ولا يعني له أكثر من أن نكرة ابن نكرة قد كلت قدماه من استجداء وظيفة “ ( 48 )
“لم يستطـع أن يفرض لنفسه اسماً.فهو في هذا الركن الذي يقوم فيه دكان لا يختلف في شيء عن أكثر الدكاكين،ليس أكثر من( فلسطيني ). . بهذا ينادونه ،ويعرفونه ،ويشتمونه إذا اقتضى الأمر “ (49 ) . إن علة اختفاء التسمية من تشخيص ملامح هذه الشخصيات هي علة مسوغة ومقبولة لأنها تعبر ، أو بالأحرى تزيد في التعبير ، عن إشكالات طبقية وسياسية تعاني منها الشخصيات المذكورة في السياقات السابقة . وعلى الرغم من أن أكثر من ثلث قصص عزام بلا أسماء – وهذا شائع في القصة القصيرة – فإن المرء يستطيع أن يسجل بعض الملاحظات على الأسماء التي أطلقها الكاتبة على شخصيات بعض قصصها .
- فالكاتبة تستخدم الاسم ، وتختاره اعتماداً على العلاقة اللغوية التي تقيمها الشخصية مع محيطها ، ويمكن أن تعتمد هذه التسمية على التماثل أو على التضاد . حيث يستطيع المرء أن يجد علاقة تضاد بين سعاد وتعاستها ( 50 ) ، ويستطيع أيضاً أن يجد علاقة تماثل بين ممدوح وصفاته الحميدة ( 51 ) ، وبين وهيبة وما تقدمه للناس ( 52 ) .
- إن الكاتبـة تكرر في بعض الأحيان استخدام أسمائها حيث نستطيع أن نرى سعاد( 53 ) ووهيبة ( 54 ) وخميس ( 55 ) وفارس ( 56 ) .
- إن الكاتـبة لم تستفد في اختيار الأسماء من حكاية أصواتها ، على نحو ما هو معروف في القصص اللامعة ( 57 ) ، حيث لا تتجاوز العلاقة اللغوية حدود المعنى ولا تستطيع تجاوزه إلى إقامة العلاقات الصوتية .
-وفيما يتعلق بتصوير الملامح الخارجية للشخصيات ، فإن الكاتبة تستخدم هذه التقنية فـي تقديم الشخصية بشكل رئيسي ، خاصة حين يكون الخارجي معبراً أساسياً عن الداخلي ، ولا يكون ذلك إلا من خلال التركيز على أجزاء بعينها ، فالرجل البكاء ، في قصة ( حتى العيون الزجاج تندى ) ( 58 ) .
يمتلـئ النص بأوصافه الخارجية فهو ذو أسنان صفراء ، وأيد ملوثة ، وخطوط وجهه لا تكاد تتغير إذا ضحك أو بكى ، هاهي ذي الكاتبة تقدم مقطعاً وصفياً خارجياً للرجل في مجلس العزاء : “ تأخذ شفته السفـلى ترتجف ، ويبدو أن كل شيء فيه يساوق حركة الارتجاف هذه ، كماه وساقاه ، بنطاله المتهدل ، وزر طربوشه المنزلق إلى منتصـف جبهته ، وتلـبث دقائق دون أن يسكن فيه هذا الاهتزاز ويكون العرق قد انعقد حبـات كبيرة فيما تحـت الطربوش “ ( 59 ) .
ومثـل هذه الأوصاف الخارجية تستفيد منها الكاتبة في تقديم الشخصية حين تجعل نهايات القصص أيضاً مرتبطة بالخارجي على نحو ما نرى في نهاية القصة نفسها ، إذ تتصلب خطوط الوجه و يلوح وميض في العينين الدبقتين( 60 ) ويمكن أن نلمس الاستخدام الواعي لهذه الطريقة في تقديم الملامح الشخصية من خلال شخصيات أخرى موزعة على قصصها .
وتلجأ الكاتبة في تقديم الملامح الخارجية إلى المأكل والملبس والحركة والصوت ، ويمكن هنـا للمثيل أن نشير إلى شخصية عبود بائع الصحف ، حيث يبدو الصوت ، بوصفه أحد أركان صنعته ، واضحاً متميزاً ، ومبشراً للموظفين بالكادر والعلاوات ، وللتجار بتسوية المشكلة الاقتصادية ( 61 ) .
غير أن وصف الملامح الخارجية يكون نموذجياً ، في بعض الأحيان لدى الكاتبة ، وخاصة في بناء ملامح الشخصيات الثانوية ، مما يؤدي إلى تشابه الصفات الخارجية لهذه الشخصيات في قصص مختلفة ، فصورة المدير ، مدير المعمل أو مدير الشركة ، تبدو متشابهة ونمطية في قصص الكاتبة ، ويكمن للتدليل أن نذكر بعض السياقات :
“ ولم يزد بل حرك يداً فيها سيجار ضخم مشتعل أن ابتعدي “ ( 62 ) .
“ يأخذ نفساً من سيجار تطمئن إلى أصابع مترفة “ ( 63 ) .
“ وتقف أمامه في الغرفة الأخرى ، فتكاد لا تبين ملامحه من بين سحابة من تلك السحابات التي يعقدها سيجاره “ ( 64 ) .
“ وليسـت تشتـهي الساعة شيئاً قبل أن تغور الأرض بالأرباب الذين يحيون ويميتون ، وهم يدخنون السيجار “ ( 65 ) .
ولعـل الأجدر بالكاتبة ألا تقدم ملامح شخصياتها من خلال أوصاف خارجية عامة ، حتى تستطيع أن ترسخ شخصيات قصصها في الذاكرة ، وحتى لا تبقى شخصياتها النمطية مجرد خطوط عامة لا تستطيع أن تمنح الشخصية تميزها .
أمـا فيما يتعلق بالأوصاف الداخلية ، فقد أضاءت الكاتبة كثيراً من شخصيات قصصها الرئيسية من الداخل ، ويذكر هنا أن الكاتبة قل أن تعنى بتقديم هذه الإضاءة حين يتعلق الأمر بالشخصيات الثانوية والوظيفية العابرة .
وتستخدم الكاتبة عدة طرق بنائية في تقديم إضاءتها الشخصيات من الناحية النفسية ، فهي تهتم كثيراً بالمشاعر الطارئة ، والاعترافات – خاصة من خلال الرسائل – إضافة إلى النجوى والحوار .
وتنهض بعض شخصيات الكاتبة على قوة الإيحاء في خلق الجو النفسي ، كما ذهب سهيـل إدريس ، “ ففي أقصوصة الأشياء الصغيرة مثلاً تبدو الحركة النفسية شديدة الغنى بما تنطوي عليه من لمسات ولفتات “ ( 66 ) .
وقد أشارت روز غريب إلى مقدرة الكاتبة على تصوير عاطفة الحب في القصة ذاتها وتحليلها “ لهذه العاطفة الغامضة التي نسميها الحب ، التي تتغلغل تدريجياً في نفس الفتاة ، فتخشاها وتتمسك بها ، وقد تحتقر نفسها لأجلها فتسمي وقوعها فيها ضعفاً “ ( 67 ) .
غير أن الأستاذ إدريس والأستاذة غريب – على الرغم من إعجابنا بما قدماه حول هذه الشخصية ، وما قدمته الكاتبة نفسها في إضاءتها – لم ينتبها إلى المنزلق الذي وقعت فيه الكاتبة في تصوير هذه الشخصية ، وما قدمته الكاتبة نفسها في إضاءتها –لم ينبتها إلى المنزلق الذي وقعت فيه الكاتبة في تصوير هذه الشخصية ، حيث كانت بعض أفعالها لا تتسق مع ما تؤطره لنفسها في ظروف وأفكار . فبطلة قصة " الأشياء الصغيرة "(68) ليست بالخفيفة ولا الطائشة ، ومع ذلك فهي تذهب إلى السينما ، وهذا الذهاب هو ضرورة ليكون اللقاء مع حبيبها ، في وقت كان فيه الذهاب إلى السينما ، ولازال ، في كثير من البيئات ، من اختصاص الشبان وحدهم .
ومثل هـذا النـوع من عدم الاتسـاق ، على قـلة وجـوده ، يظهر أيضاَ في قصة " مؤهلات " (69)حيث لا يسمح وعي الشخصية البسيط ،وبناؤها من الناحية النفسية ، بأن
يتفـلسف الطفل العاجز بما يتجاوز إدراكه . وقد نبه الأستاذ عبد اللطيف شرارة على هذا الأمر ، حين علّق على قول الصبي المشوه الشحاذ.
“ إن إثـارة شفقة الأغراب الكثيرين هنا ليست عسيرة ، فأنا ما أكاد أرفع يدي إليهم حتى يلقوا إلي بربع ليرة “ (70) . ويقول الأستاذ شرارة :
“هذا ليس جواب صبي يمارس التسول ، وهذه العبارات ليست عبارته ، لأنها تنبئ عن وعي دقيق لموقفه في الحياة ، وبذلك وحده يخرج عن كونه ( صبياً) ليدخل في عداد الرجال ، والرجال الواعين أيضاً . “ (71) .
وتمـكن الإشارة أيضاً على صعيد الإضاءة النفسية إلى شخصية بطلة “ في المفكرة “ (72) حيث تنجح الكاتبة في تقديم هذه الشخصية ( النفسية السيكولوجية ) بالدرجة الأولى ، إذ تختفي الملامح الخارجية ولا تبقى إلا الملامح الداخلية التي تقدمها الكاتبة من خلال انعكاس الأحداث المحيطة بها عليها .
وتستخدم الكاتبة أيضاً طريقة الاعترافات في تقديم الملامح النفسية لشخصياتها حيث تقدم الشخصيات رؤيتها للحياة بنفسها ، وتمكن الإشارة في هذا المجال إلى قصة " حكايتها " (73) التي تقدمها الكاتبة من خلال رسالة أختٍ بغي إلى أخيها ، تقدم له فيها اعترافها ، وظروف انجرارها إلى الخطيئة . ويمكن رصد ذلك من خلال السياقات القصصية التالية التي تبين بعضاً من الملامح النفسية لشخصية الفتاة :
“ أجل …. أنا لا أشفق على نفسي بقدر ما أشفق عليك … على العاطفة الوحيدة النظيفة في قلبي “ (74) .
“ ثم نفذت إلى الطريق من خلال الباب المفتوح وفي قلبي خوف طاغٍ من شيء غامض خفي “ (75) .
“ هناك تعلمت أن أصهر بشريتي في بوتقة الحقد … هناك تعلمت أن أكره .. تعلمت أن أنتقم … وتعلمت أشياء وأشياء .. وصرت تاجرة “ (76)
-كما تقدم الكاتبة بعض الملامح الداخلية من خلال المونولوجات التي تتداعى على مساحة النفس . هاهي ذي الشخصية في قصة “ على الدرب “ (77) تقدم أحلامها من خلال المونولوج التالي :
“ أجل سأتزوج ، فلدي خاتم ورجل أحبه سيأخذني إلى بيته وأعيش سيدة فلا أغسل الزجاجات بعد . و لا أفيق قبل الديكة … ولا تدمي قدمي الرحلة بين المصنع والمدينة … إن رجلي فقير ولكنه قوي وطيب ، وسأبدو إلى جانبه قويةً فلا أشعر بضآلتي كما أحس الآن حين تمر بي واحدة من أولئك المعطرات الأنيقات “ ( 78 ) .
إن هـذه الأحلام التي تقدمها الشخصية هي التي تصنع التوازن النفسي لها . ولولا هذه الأحلام لما استطاعت الانكسارات على صعيد العمل القصصي في القصة ذاتها أن تجد طريقاً نفسياً مقنعاً إلى إخفاقاتها المتكررة .
في قصة " خبز الفداء " (79) تقدم لنا الكاتبة ملامح الشخصية النفسية من خلال الحوار إذ تبدو سعاد ثابتة ، غير مضطربة ، ولديها رؤية متكاملة للحياة والحب … حيث لا ينفرد قلبها بحب رامز :
“ إنها آخر من يسافر …
وأذهلتـه المفاجأة … لم يدر ما يقول لها وظل صامتاً ، ولما قرعت صدره بقبضتها سأل :
-هل فعلت هذا بسببي ؟
وانفجرت في وجهه :
-لا ليس بسببك. . صحيح أنني أحبك . .ولكنك لست كل شيء “ ( 80 ) .
-وإذاً يستطيع المرء من خلال رصد طرق تقديم الملامح الخارجية والداخلية للشخصيـات ، أن يستنتج أن الكاتبة نجحت إلى حدٍ كبير ، مع بعض الإخفاقات البسيطة، في تقديم هذه الملامح ، مما أنتج مظاهر تشخيصية بدلاً من الشخصيات ، وهذا ليس عيباً ، بل هو أمر تتطلبه القصة القصيرة التي هي فن التركيز والتكثيف .
2ً- الطريقة التركيبية :
تعني الطريقة التركيبية لتقديم بعض الملامح الشخصية تقديم هذه الملامح عن طريق عناصر القص الأخرى ، إذ ينوب الحدث والزمان والمكان عن الطريقة المباشرة في تقديم الشخصيات ، ومثل هذا البناء لا يتم اختياره بشكل اعتباطي وإنما يقوم على أساس الصفات التي تتصف بها الشخصيات ، فالشخصية الفاعلة تقدم الكثير من ملامحها عبر الحدث في حين تقدم بعض الملامح من خلال الزمان والمكان حسب أهميه هذين العنصرين القصصيين للشخصيات ، وحسب تناسب هذا الطرح التشخيصي مع فكرة النص ودلالته .
البناء الحــدثي :
حين تكـون الشخصية فاعلة في القصة إلى حد كبير ، وحين تختفي الملامح الأخرى للشخصية أو تكاد ، ولا تترك في ذهننا غير صورتها الفاعلية ، نستطيع القول إنها مبنية بناء حدثياً ، حيث تبدو ملامح التشخيص فيما تتركه من آثار على سير العمل القصصي .
ولعـل من أبرز الشخصيات التي قدمتها سميرة عزام في صفتها الفاعلية الشخصية الرئيسية في قصة " لأنه يحبهم " ( 81 ) حيث يبدو البطل / الراوي فاعلاً قبل أية صفة أخرى .
فهو بعد أن يروي حكايات المجرم والبغي والوغد يقوم بإحراق مركز الأغذية التي توزع على اللاجئين ، ويمتلئ المقطع الأخير ، بوصفه أكثر المقاطع تعبيراً عن الفاعلية ، بالأفعـال ويبدو الحدث سيد اللعبة السردية : “ وينشط الغريب الرابض وراء المنعطف ، ويتحسس مفتاح المركز الذي يحمله ، ويضحك من مفارقات الظروف .. “(82 )
“ ودفع الباب وأغلقه وراءه وأحكم قفله بالمفتاح ، ومد يده يتحسس زر النور “( 83 )
“ وسارع يحمل الأكياس ويكومها واحداً على واحد ، ويصب البترول إلى آخر قطرة ، ويلقي بالزجاجة بعيداً إلى الحائط المقابل فتتناثر ، ثم يشعل عود ثقاب يدنيه من طرف أحد الأكيـاس ويقرب بيده الولاعة من الطرف الثاني فيشرب الكيس النار ويسري اللهب من جهتين ثم ما تلبث الألسن أن تتقارب ، وتختلط وتتعانق “ ( 84)
وتمكن ملاحظة غلبة صفة الفاعلية على شخصيات قصصية في قصص كثيرة ، حيث يغدو الفعل معبراً عن الملامح الشخصية ، كما في قصص " فلسطيني "( 85)" وخرس كل شيء " (86) و " الغريمة "(87) و “ اقتنعوا ولكن “( 88 ) …
البناء الزماني :
يمكن للزمن القصصي ،بوصفه معادلاً ذهنياً وشعورياً وحسياً لرؤية الشخصيات القصصية ،لا تقنية ذات صفة تأطيرية فحسب ،أن يقدم الشخصية القصصية ،أو أن يسهم في تقديم بعض ملامحها إذ يكون إحساس هذه الشخصيات بالزمن مكثفاً ،ويكون انعكاسه عليها ذا مقدرة تشخيصية كبيرة .
ويمكـن أن يتضح هذا الاستخدام للزمن التشخيصي في قصص سميرة عزام على نحو ناصعٍ جداً في قصة " الساعة والإنسان "( 89 ) ، إذ يعيد الزمن تشكيل الشخصيات من جديد ، وبشكل فذ يذكرنا بالاستخدام الناجح للزمن التشخيصي الذي قدمه الكاتب الشهيد غسان كنفاني في روايته " ما تبقى لكم "( 90 ) ، فشخصية بطل قصة عزام المشار إليها ، هي شخصية تكاد تتطابق مع مفهوم الزمـن ، حيث يضفي استخدام الزمـن هيبـة ووقـاراً وغموضاً ذا دلالةٍ غير محددة على الشخصية . والزمن في نهاية القصة يتحول إلى شخصية حين يموت أبو فؤاد ليترك دوره للزمن / الساعة التي ما تزال تقوم بفعل أبي فؤاد نفسه ، إنها تنبه الناس على أن يستيقظوا قبل أن يفوتهم القطار : “ لم يكن هناك شيء حي . . بلى كـانت هناك ساعة حائط تقوم في الجدار . رقاصها يميل،وصوتها يقول : تك ، تك ، تك . . “( 91 ) .
في قصة "عام آخر " ( 92 ) تنعكس ظلال الزمن : الماضي والحاضر والمستقبل على شخصيـة أم عبود ، فهي شخصية أليفة تتمزق بين ماضٍ مفقود ، وحاضرٍ غير مرغوب فيه ، وفي صراع الحاضر والماضي يغيب زمن المستقبل الذي افتقدته القصة الفلسطينية منذ النكبة إلى بداية السبعينات وهو أمر ذو علاقة حميمة بالوضع المتردي للحركة الوطنية العربية عموماً والفلسطينية خصوصاً . وإذا كان الزمن المستقبلي غائباً عن شخصية أم عبود ، والزمن الحاضر حاضراً حضوراً باهتاً لا ينطقها بغير الحكم المستندة إلى الهزيمـة ، من نمط “ إيه حال الدنيا “ ( 93 ) فإن الماضي يبدو سيد الأزمنة ، إذ يطبع هذه الشخصية بطابعه مما يجعلها جزءاً منه . “ عافاك يا ابني فذاكرتك طيبة ،إنه الشباب ، الشباب كنت قبل أن أشيخ وتنحني قامتي أحفظ تواريخ أبناء الطائفـة متى ولدوا ومتى تزوجوا ومتى ماتوا، كان الناس يسمونني الدفتر، فأين أنا اليوم من زمان .. الهم يا ابني يبلد الذهن ويمسح العافية..” (94)
البناء المكاني :
كما تخرج سميرة عزام بالمكان من وظيفته الأساسية “التأطيرية” لتستفيد منه في التشخيص حيث ترسخ،من خلاله،بعض الملامح الشخصية .ففي قصة "على الدرب" (95) تتلامـح الشخصية جزئيا مع هذا الوصف المكاني: “الطريق مقفر ، المساء ملفع بضباب ،وهذا الرذاذ يتساقط على وشاحي الصوفي الذي لففت به رأسي (…) بدأت أخاف والدرب طويل طويل ..إلى آخر الدنيا ..حيث بيتنا العتيق ،وأمي الفضية الشعر (*) ، ونار عليها قدر الحساء “ (96)
وفي قصة "هل كان رمزي "(97) يقدم المكان تشخيصاً مهماً لشخصية رمزي إذ يبدو مرتبطا به ارتباطا وثيقا ، يمنحه تعددا دلاليا .إن رمزي الذي ضاع ببنطاله الأزرق ،يجده أهله بعد سنوات ولكنهم ينكرونه –حتى أمه تنكره –لأنه لا يرتدي بنطالاً أزرق.إن ارتباط هذه الشخصية بالمكان يتبدى من خلال الأهل المشردين عن وطنهم الذين يرفضون وطنا عاشت فيه يد الفساد ، فصورة الوطن الطازجة الجميلة لا تزال في مخيلتهم.على أن كل ما سبق من طرق بناء الشخصيات لا يعني بالضرورة اقتصار الكاتبة ،في تقديم ملامح شخصياتها ، على نمط بنائي واحد.وما هذه التقسيمات إلا ما تفرضه ضرورات التقسيم الدرسي،إذ يمكن أن تستخدم الكاتبة في إضاءة شخصياتها خارجياً وداخلياً ، أ كثر من طريقة كيف لا ؟.والقاص يستخدم كل ما لديه من تقنيات في سبيل بناء شخصية متوازنة .















هوامش:
( 1 ) اوكونور ، فرانك : الصوت المنفرد ( مقالات في القصة القصيرة ) ترجمة الدكتور محمود الربيعي ، مراجعة محمد فتحي ، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ، ( دار الكاتب العربي ) القاهرة ، 1389 _ 1969 ص 14 .
( 2 ) عياد ، د. شكري محمد : القصة القصيرة في مصر ( دراسة في تأصيل فن أدبي ) ، جامعة الدول العربية ، معهد البحوث والدراسات العربية ، القاهرة 1967 _ 1968 ، ص 28 .
( 3 ) استفدنا في تصنيف الشخصيات من عدة كتب ولكننا لم نتقيد بأي تصنيف ، إنما فرضت نصوص سميرة عزام هذا التصنيف الذي نراه مناسباً ، وتمكن العودة إلى :
-بحرواي ، حسن : بنية الشكل الروائي : الفضاء ، الزمن ، الشخصية ، المركز الثقافي العربي ، بيروت . الدار البيضاء ، ط1 ، 1990 ، ص ص 205 ، 221 .
( 4 ) عزام ، سميرة : وقصص أخرى ص ص 23 - 32 .
( 5 ) المصدر السابق ، ص 26 .
( 6 ) نفسه ، ص 27 .
( 7 ) نفسه ، ص 27 .
( 8 ) نفسه ، ص 31 .
( 9 ) نفسه ، ص 28.
( 10 ) نفسه ، ص 30.
( 11 ) نفسه ، ص 27 .
( 12 ) نفسه ص 29 .
( 13 ) نفسه ص 30.
( 14 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 93 – 105 .
( 15 ) المصدر نفسه ، ص 105.
( 16 ) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ص ص 21 – 29.
( 17) عزام سميرة :أشياء صغيرة ،ص ص 27-39.
(18) عزام ، سميرة: وقصص أخرى ، ص ص 73-93.
(19) عزام ،سميرة : أشياء صغيرة ،ص ص 17 _ 26.
(20 )المصدر نفسه، ص20.
(21) نفسه ، ص 20.
( 22 ) نفسه ، ص 27 .
( * ) هكذا في الأصل والصواب شائعات .
( 23 ) المصدر السابق ، ص 25 .
( 24 ) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 73 – 81 .
( 25 ) المصدر نفسه ، ص 75 .
( 26 ) نفسه ، ص 76 .
( 27 ) نفسه ، ص 77 .
( 28 ) المصدر السابق ، ص 78 .
( * ) هكذا في الأصل ، والصواب بالكفاءة نفسها .
( 29 ) المصدر السابق ، ص 80 .
( 30 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 67 – 77 .
( 31 ) المصدر نفسه ، ص ص 37 – 45 .
( 32 ) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 91 – 97 .
( 33 ) المصدر نفسه ، ص ص 5 – 15 .
( 34 ) نفسه ، ص 15 .
( 35 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 29 – 35 . ( 36 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 79 – 92 .
( 37 ) المصدر نفسه ، ص 84 .
( 38 ) نفسه ، ص 85 .
( 39 ) نفسه ، ص 85 .
( 40 ) نفسه ، ص 89 .
( 41 ) نفسه ، ص 90 .
( 42 ) نفسه ، ص 90 .
(43 ) عزام ، سميرة : وقصص أخرى ، ص ص 177 – 186 .
( 44 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 7 –17 .
( 45 ) استفدنا بشكل خاص من :
عثمان ، د . بدري : الشخصية الرئيسية في روايات نجيب محفوظ ، دار الحداثة ، بيروت ط1 ، 1986
( 46 ) ويليك ، رينيه ( وأوستن وارين ) : نظرية الأدب ، ترجمة محي الدين صبحي ، مراجعة د . حسام الخطيب ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ط3 ،ص 229.
( 47 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص 102 .
( 48 ) عزام ، سميرة : وقصص أخرى ، ص ص 47 ـ 48 .
( 49 ) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص 86 .
( 50 ) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 27 – 39 .
( 51 ) المصدر نفسه ، ص ص 117 – 124 .
( 52 ) عزام سميرة : الظل الكبير ، ص ص 19- 28 .
( 53 ) في قصتي خبز الفداء وقصص أخرى ، ص ص 73 – 93 و( إلى حين ) ( أشياء صغيرة ) ص ص 27- 39 .
( 54)في قصتي ( الغريمة ) ( الظل الكبير )ص ص 19– 28 ، ( والملح) ( العيد من النافذة الغربية )ص ص85ـ89 .
( 55)في قصتي بائع الصحف( أشياء صغيرة،ص ص 91 – 97 ، و مؤهلات ، وقصص أخرى ص ص 105 – 113 .
( 56 ) في قصتي ( إلى حين ) ( أشياء صغيرة ص ص 27 – 29 ) و ( الحاج محمد باع حجته ) ( أبو بكر ، وليد : أحزان في ربيع البرتقال ، دراسة في فن سميرة عزام القصصي ، مصدر سابق . ص ص 88 – 95 .
( 57 ) للتدليل على استفادة كتاب القصة من حكاية الأصوات في اختيار أسماء أبطالهم يمكن أن يشار إلى نيقولاي غوغول الذي يعد من أهم الذين عنوا بالقدرة اللفظية المعبرة عن إيحاءات صائتة ويمكن النظر إلى دراسةبـ ايخنباوم بعنوان ( كيف صيغ معطف غوغول ) في :مجموعة الباحثين : نظرية المنهج الشكلي ( نصوص الشكلانين الروس ) ترجمة إبراهيم الخطيب الشركة المغربية للناشرين المتحدين ، الرباط ،مؤسسة الأبحاث العربية ، بيروت ، ط1 ، 1982 ص ص 153 – 174 وبشكل خاص ص ص 159 – 166 .
( 58 ) عزام سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص ص 21 – 29 .
( 59 ) المصدر نفسه ص 29 .
( 60 ) نفسه ، 29أيضاً .
( 61 ) عزام سميرة : الساعة والإنسان ص 93 ، وص 95 .
( 62 ) عزام سميرة : أشياء صغيرة ، ص 64 .
( 63 ) عزام سميرة : وقصص أخرى ، ص 52 .
( 64 ) عزام سميرة : الساعة والإنسان ، ص 75 .
( 65 ) المصدر نفسه ،ص 76.
( 61 ) عزام سميرة : الساعة والإنسان ص 93 ، وص 95 .
( 62 ) عزام سميرة : أشياء صغيرة ، ص 64 .
( 63 ) عزام سميرة : وقصص أخرى ، ص 52 .
( 64 ) عزام سميرة : الساعة والإنسان ، ص 75 .
( 65 ) المصدر نفسه ،ص 76.
( 66 ) ادريس ، سهيل : أشياء صغيرة مجموعة قصص للآنسة سميرة عزام ، مرجع سابق ، ص 34.
(67 )غريب ، روز : أشياء صغيرة للآنسة سميرة عزام ، مرجع سابق ، ص 65 .
( 68 ) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 5- 15 .
(69 ) عزام ،سميرة :وقصص أخرى ، ص ص 105 – 113 .
(70) يبـدو أن الكاتبة قد حذفت هذه الجملة من الطبعة الثانية مستفيدة بذلك من ملاحظة عبد اللطيف شرارة .
(71) شرارة ، عبد اللطيف : مؤهلان ، مجلة الآداب ، بيروت ، العدد 1، كانون الثاني 1958 ، ص 62 “ وهي تعليق على قصة سميرة عزام المنشورة في عدد كانون الأول – 1957 .
(72) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 67 – 72 .
(73) المصدر نفسه ، ص ص 17 –26 .
(74) نفسه ، ص 20 .
(75) نفسه ، ص 23 .
( 76) نفسه ، ص 25 .
( 77) عزام سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 59 – 65 .
( 78 ) المصدر نفسه ، ص 63 .
( 79 ) عزام سميرة : وقصص أخرى ، ص ص 73 – 93 .
( 80 ) المصدر نفسه ، ص ص 85 – 86 .
(81) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ص ص 5- 25.
(82) المصدر نفسه ، ص 22.
( 83) نفسه ،ص 22.
( 84) نفسه ص 23.
( 85) نفسه ، ص ص 83- 93.
( 86) نفسه ص ص 111-118.
(87 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 19-28.
( 88 ) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص ص 37 - 45 .
( 89 ) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 27 – 40 .
( 90 ) في رواية ما تبقى لكم ، نشر مؤسسة الأبحاث ، بيروت ، ط3 ، 1983 ، يطرح غسان كنفاني الزمن بوصفه شخصية رئيسية تلعب دوراً مهماً إلى جانب الشخصيات الأخرى ، حامد ، مريم ، زكريا ، الصحراء
( 91 ) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص 40 .
( 92 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 67 – 77 .
(93) المصدر نفسه،72. .(94) نفسه ، ص 72.
(*) هكذا في الأصل والصواب فضية الشعر .
(95) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 59 – 65 .
(96) المصدر نفسه ، ص ص 63 – 64 .
(97) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ص ص 63- 72 .