لكل الناس وطن يسكنون فيه، أما نحن فلنا وطن يسكن فينا

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

دراسة: أضواء على ملتقيات تاقصة القصيرة جداً

أضواء على ملتقيات القصة القصيرة جد1ً
(الملتقيات الخمسة الأولى)
د. يوسف حطيني
قبل الملتقى الأول بنحو سنتين بدأت أسمع بمجموعة من الأصدقاء الذين يطلقون على أنفسهم "أصدقاء القصة القصيرة جداً"، ومنهم د.أحمد جاسم الحسين، ود.مية الرحبي، والسيدة جمانة طه، والأستاذ عماد النداف، وعندما عدت إلى نصوص كنت قد كتبتها عام 1988 عن الانتفاضة الفلسطينية الأولى تحت عنوان "كتابة" وجدت أنها تنتمي تقريباً إلى هذا النوع. فتعرفت إلى أولئك الأصدقاء وانخرطت بينهم، حتى كان الملتقى الأول.
* * *
وفي الفترة ما بين العاشر والثاني والعشرين من شهر أيار 2000، في دمشق، عقد الملتقى الأول للقصة القصيرة جداً الذي استمرت أمسياته وندواته على مدى عشرة أيام، بمشاركة نحو خمسين قاصاً وناقداً، وأقيمت ست أمسيات قصصية في المركز الثقافي الروسي، وأربع ندوات نقدية في المركز الثقافي العربي بالعدوي، ويسجّل لهذا الملتقى أنه شهد إقبالاً لافتاً من النقاد والقاصين والمهتمين الذين انقسموا بين متحمسين ومترددين ورافضين لهذا النوع الأدبي الذي بدأ – على الرغم من وجود بعض المشككين في أهميته وجدواه - يلقى استحساناً متزايداً على المستويات السماعية والقرائية.
وقد شهد الملتقى، مناقشات حارة تباينت رؤاها حول كون هذا الفن الأدبي جنساً مستقلاً له قوانينه التي تختلف عن عموم النثر الحكائي، أم أنه مجرد تنويع داخل الفنون النثرية الحكائية.
وقد لفتت المحاضرات النقدية التي ألقيت في الملتقى، النظر إلى أن هذا النوع الأدبي كان معروفاً في التراث العربي والهندي والفرنسي وغيرها، وإن كانت الحكاية أقل ألقاً وتركيزاً، واللغة أقل قدرة على حمل الحكاية، وهذا الأمر طبيعي إذ إن التجارب الأدبية الجديدة، وأقصد المتميز منها، تفيد من إنجازات القدماء والمحدثين لتقديم تجربة تستحق جدارة التدوين.
وقد أشار المنتدون إلى تجارب مميزة في القصة القصيرة جداً كتجربة ناتالي ساروت وكالفينو ووليد إخلاصي وزكريا تامر، مما ينفي عنها صفة الولادة القسرية القيصرية، ويجعل انطلاقتها الحديثة إحياءً لنوع أدبي كان معروفاً إلى حد ما، ويدفع عنها، من خلال إقبال الكتاب الكبار على كتابتها، تهمة مفادها أنها فن العاجزين عن كتابة الرواية والقصة، وهو اتهام طالما ووجهت بها قصيدة التفعيلة في مواجهة القصيدة العربية الأصيلة قبل عدة عقود.
والحق أن المرء على الرغم من تقديره لجهود جميع الكتاب السابقين، فإن ما ألقي في المنتدى، وما صدر من مجموعات قصصية قصيرة جداً، يدل أننا أمام نقطة تحول مهمة، على صعيد الشكل والكثافة الإنتاجية.
وقد أثيرت في الملتقى قضايا كثيرة منها ما تعلّق برسالة القصة القصيرة جداً، وقد أثبت كثير من القصص خلال ذلك قدرة هذا النوع الأدبي على حمل الهموم الكبيرة: الاجتماعية والوطنية والقومية والإنسانية.
كما عانت بعض القصص الأخرى التي ألقيت في الملتقى من الوعظية بدلاً من البحث عن حوامل فنية للفكرة. وإن كان هذا لا يلغي وجود عدد كبير من القصص ذات البنية الفنية المميزة والفكرة الإنسانية التي يمكن أن تعبر عن أعماق الروح الإنسانية في مواجهتها مع الواقع الاجتماعي، يقول أيمن الحسن في قصة (صف العسكر):
"حين وقف ينتظر دوره عند الفرن انتابته امتعاضة قاسية، فلقد بدا صفه طويلاً.
حاول أن يتخطى الذي أمامه فما استطاع:
- خذ مكانك دون مشاغبة يا صاح.
عندما التفت إلى الصف الآخر – القصير إلى جواره:
_ أعرني مسدسك لو سمحت.
وإذ نظر إليه لابس "البدلة" العسكرية في دهشة أردف المواطن:
إنما أريد قتل الجوع."
وقد اعتمدت معظم القصص التي ألقيت في الملتقى على المفارقة التي لا يمكن اختزالها في مجموعة من الثنائيات المضمونية، إذ يمكن للقصة أن تفيد من تعدد الثنائيات، كما يمكن أن تفيد أيضاً من الثنائيات القائمة على التضاد اللوني ومن الأسلوبية القائمة على النفي والإثبات وغيرها، ويمكن في هذا المجال الإشارة إلى قصة (انقلاب) لعلي صقر التي يقول فيها:
" صعدتْ درجات السلم درجة درجة..حتى وصلتْ الملجأ..
إنها…. قلبت كل شيء"
وتنبغي الإشارة هنا إلى أن الحاجة إلى تكثيف بعض القصص، وضرورة التخلص من بعض التفاصيل كان الشغل الشاغل للقاصين الذين اكتشفوا خلال المداخلات النقدية الغنية أن كثيراً من قصصهم عانت التكرار على مستوى الفكرة والنمط اللغوي نحواً وصرفاً وتركيباً، ولم تفد – إلا في نصوص قليلة – من إمكانات الحوار والوصف الذي جاء غالباً بعيداً عن توظيفه الحكائي.
ومما يثلج الصدر حقاً أن الحكائية التي غابت عن نصوص قليلة، حضرت في معظم النصوص الأخرى، غير أنها عانت ما تعانيه من الاعتماد على المصادفة حيناً، والإنشائية التي تعوّق سير الحكاية حيناً آخر.
ولفت النظر في هذا الملتقى استخدام اللغة الشعرية الحكائية التي نجحت في أحيان كثيرة في تغطية الأيديولوجية بغطاء شفاف، والانتصار على المباشرة والموعظة، وتمكن هنا الإشارة إلى قصة "دمشق" لعماد النداف التي يقول فيها:
"كان مسافراً في الأمصار البعيدة.. أحبوه، فتجمعوا حوله. ثم سألوه: كم تبعد الشام من هنا؟
فقال بثقة وسرعة:
- نحو ذراع!
ضحكوا وظنوه يمزح.. ثم قال قائل منهم:
- أنت تبالغ!
لكنه ألحّ قائلاً:
أينما كنت أستطيع أن أضمها إلى صدري.
[1]"
وقد استفاد القاصون من الواقع والمتخيل، وأقاموا في بعض الأحيان تجاوراً مغامراً بين الفنون المختلفة، فظهر الواقع والحلم والكابوس، وبرزت العلاقة بين الإنسان واللوحة والمقطوعة الموسيقية، ورسخت القصص – على قلة في ذلك – نوعاً من الإيقاع القصصي الناتج عن التناص التاريخي والثقافي والديني، ويمكن هنا أن نشيد بقصص عبير كامل اسماعيل التي بنت عدداً من نصوصها على الأحاديث النبوية الكريمة، وعلى الأحداث السياسية والأدبية التي مرت عبر تاريخنا الطويل، تقول مثلاً في قصة بعنوان"خمرة إلهية" التي تعتمد على التناص مع إرث المتصوفة، ومع أبيات شعرية شهيرة لأبي نواس:
"عندما شرب الصوفي كأس الخمرة، سرت في عروقه حتى وصلت إلى مجمع الأسرار، ولما أرادت الاتحاد بالنور لم تجد إلا العفن الأسود"
[2].
كما أفادت بعض القصص من استراتيجية العنوان، ووضعته في سياق الحكاية وامتداد دلالتها، ونجحت في قلب الوظائف الدلالية لكثير من المفردات الراسخة في الذهن، وعملت على تغييرها.
* * *
وقد كان ظاهراً للعيان أن الطريق أمام القصة القصيرة جداً ليست مفروشة بالورود، فثمة صعوبات كثيرة تعترض طريقها ، لعل أخطرها ناتج عن استسهال بعض الكتاب،وتحمس بعض النقاد لها إلى حد كبير، فالكتاب الذين يستسهلونها يقدمون إلى المكتبة العربية الكثير، وفي وهمهم أنهم يخدمونها، في حين أنهم باستسهالهم هذا يضيعون حدود المصطلح. والنقاد الذين يطبّلون ويزمرون للجيد والرديء الذين يصدران تحت هذا العنوان يجب أن يصدروا الأحكام الجريئة على تلك الأعمال التي تنوي دخول هذا الباب، دون أن تمتلك الجدارة اللغوية والفنية، وأن يعززوا القصص المبدعة التي ترفع من شأن هذا الفن الأدبي.
وقد اشترك في الملتقى الأول للقصة القصيرة جداً عدد كبير من النقاد والقاصين، ونذكر منهم: د.عبدالله أبو هيف ، د.قاسم المقداد، د. نبيل اللو، د. لبانة مشوح، جمانة طه، د. أحمد جاسم الحسين، د.يوسف حطيني ، د. محمد جال الطحان، د. مية الرحبي، سليمان حسين، وليد معماري، دلال حاتم،سعاد مكارم، عماد نداف، عدنان كنفاني، سلوى الرفاعي، ابتسام شاكوش، وآخرون…
* * *
وقد قطعت أن القصة القصيرة جداً شوطاً معقولاً بين الملتقيين الأول والثاني، فعلى صعيد النشاطات قامت عدة أمسيات للقصة القصيرة جداً، كما صدرت عدة مجموعات قصصية تحت هذا العنوان، وتطور موقف النقد إلى حد ما، إذ حسم كثير من المترددين خيارهم إلى جانبها، وانتقل كثير من المعارضين إلى مواقف أكثر عقلانية تطالب بإعطاء القصة القصيرة جداً فرصة لتقول ما لديها.
وقد شارك في الملتقى الثاني للقصة القصيرة جداً الذي استضافه المركز الثقافي الروسي بدمشق في الفترة الواقعة بين 5 و13 آب 2001، ما يزيد عن خمسين قاصاً وناقداً من المحافظات السورية المختلفة، نذكر منهم (د. رياض عصمت،د. عبد الله أبو هيف، د. عادل فريجات، د. لبانة مشوح، الشاعر عبد القادر الحصني، د. عبد الكريم عبد الصمد، وهيمى المفتي، ووفاء خرما وابتسام شاكوش…. وآخرون).
وإذا كان المرء يعترف بشجاعة أن كثيراً من النصوص كانت دون المستوى المطلوب، فإنه يفخر، ومن حقه أن يفعل ذلك، بكثير من النصوص التي نجحت إبداعاً ورؤية في أن تكون متميزة إلى حد يثلج الصدر، ويوضح ملامح هذا الفن الذي بدأ يحتل مكاناً في المشهد الثقافي في سورية.
لقد بدت القصـة القصـيرة جـداً من خلال النصوص المتميزة قادرة على الإقناع باستقلالها عن أخواتها، ولكنها ـ في الوقت ذاته ـ لم تتنكر لأسرة النثر الحكائي عموماً. وقد بدت قادرة على بناء حكايتها، بحبكتها وعقدتها، وشخصياتها وزمانها ومكانها، وعلى الرغم من الاتهامات التي تثار في وجهها، بخصوص ما يزعم عن افتقادها للمكان فقد أثبت في هذا الملتقى حضور المكان فيها بشكل لافت، ولنا هنا أن نشير إلى قصة عدنان كنفاني "موال"، إذ يقيمها على ثنائية مكانية طريفة بطلها الشعب العربي الفلسطيني الذي يترجح بين المنفى والوطن، ليؤكد أن النبض الذي يعيشه هذا الشعب، هو نبض الحنين المتبادل.
لقد حاول المشاركون في هذا الملتقى تنويع أشكال تقديم الحكاية القصصية، وكانوا في النماذج الأكثر تطوراً، يتجهون سهمياً من البداية إلى النهاية، دون هدر الوقت والسطور وراء تفاصيل قد لا تبدو ضرورية في هذا النوع من السرد. وقد شهد الملتقى قصصاً تعتمد حكايتها على البناء المتوازي الذي ينتج مفارقات باهرة، كما نجد عند د. عبد الكريم عبد الصمد، كما اعتمدت بعضها بنية لغوية دائرية، بدت بشكل لافت عند د. أحمد جاسم الحسين وهيمى المفتي.. فقد استثمر د. الحسين العنوان استثماراً لافتاً، إذ جعله في بعض قصصه خاتمة لغوية لها، أما هيمى المفتي فقد أفادت من إيقاع التركيب اللغوي إفادة كبيرة.
غير أن الأمانة تقتضي أن نشير إلى فقدان الحكائية في بعض القصص التي قدمت في الملتقى، خاصة عند شذا برغوث التي تحولت القصة القصيرة جداً على يديها إلى موعظة أو نادرة أو حكمة أو طرفة، وسعاد مكارم التي قدمت مجموعة من الخواطر.
أما عن التكثيف فقد كان حاضراً في نصوص كثيرة، ولكنه غاب عند بعض القاصين، ولعلنا نشير هنا إلى الأستاذ فيصل خرتش، وهو الروائي المعروف، الذي قدم نصوصاً تشبه تلخيصاً للقصة القصيرة، ووضعنا أمام تفاصيل لا يحتملها هذا الفن.
لقد اعتمدت قصص هذا الملتقى اعتماداً كبيراً على المفارقة التي تولد الإدهاش من خلال الثنائيات اللغوية أو المضمونية، ومن خلال كسر المألوف والمتوقع لدى المتلقي.
لقد ظهر في قصص هذا الملتقى الاتكاء بشكل كبير على الجملة الفعلية، أو الجملة الاسمية ذات الطاقة الفعلية (كالمبتدأ الذي يأتي خبره جملة فعلية)، مما يدعو إلى الاطمئنان لاعتبار فعلية الجملة ركناً من أركان هذا الفن.
وقد لفت النظر اعتماد بعض القاصين على التقنيات التي تستخدمها السرديات الحديثة، وفي هذا المجال برز القاص أيمن الحسن الذي حاور التراث العربي والإنساني في قصصه، فقد أفاد في إحدى قصصه من شخصية سندريلا ليبني قصة تتجاوزها رؤية، إذ تسقط فردة حذاء الأمير بينما يهرب من القصر، ويعاقَب صانع الأحذية بالإعدام، لأن الحذاء كان واسعاً (!!)، مما أدى إلى سقوط المدينة في يد الأعداء.
وبرز أسامة حويج العمر في اعتماده على الأنسنة، وتشخيص الحيوانات والجمادات لتقديم رؤاه الإنسانية. غير أن معظم القاصين لم يفد من تسمية للشخصيات ووضع الاسم في خدمة الدلالة، إذ قدمت القصص شخصيات بلا أسماء، أو شخصيات بأسماء اختيرت على عجل.
وقد لفت النظر في القصص الاستثمار المتفاوت للغة الشعرية، حيث تميز نور الدين الهاشمي وبسام شلبي، عبر اعتمادهما عليها لتفعيل قدرة السرد على الحكاية، فيما كانت هذه اللغة معوقاً لتطور الحكاية عند باسم عبدو وآخرين.
ويشار هنا إلى أن ما أثاره الملتقى، والقصة القصيرة جداً حتى الآن من التعليقات والكتابات الصحفية لم يكن بشكل عام، وأقول بشكل عام، مرضياً، إذ تراوح بين الشتيمة والسطحية والتحمس، ولكن المرء لا يعدم دراسات جادة مثل دراسة د. عبد الله أبو هيف حول "مصطلح القصة القصيرة جداً
[3]".
إن قصص الملتقى الثاني نجحت في طرح كثير من الرؤى الإنسانية والوطنية، ونشير هنا بشكل خاص إلى قصص جورج شويط، وعدنان كنفاني، وأيمن الحسن، وعبير إسماعيل.
ولا أعتقد أن الملتقى الثاني افتقر إلى الحرارة التي رافقت الملتقى الأول، غير أن الذين حضروا الملتقى الأول كانوا يحملون معهم شوقاً لمعرفة صفات هذا الفن ونماذجه، أما في هذا الملتقى فقد جاء الناس ليشهدوا التطور أو التأخر الذي حصل خلال عام كامل، مثلما أتى الناس إلى الملتقى الثالث لمحاسبة العابثين والمستسهلين، بعد أن تلامحت بعض أساسيات هذا الفن.
وقد اشترك في الملتقى الثاني عدد كبير من القاصين والنقاد، وجاء برنامج الملتقى على النحو التالي:
الأمسيات القصصية
الإدارة
التعليق النقدي
المشاركون
اليوم/التاريخ
د.يوسف حطيني
د. قاسم المقداد
د.رياض عصمت، د. أحمد جاسم الحسين، خطيب بدلة، دلال حاتم، شذا برغوث، باسم عبدو، أحمد ونوس، عبير إسماعيل، جمال سعيد.
الأحد
5/8/2001

د. أحمد جاسم الحسين
د. لبانة مشوح
نور الدين الهاشمي، د. يوسف حطيني، جمانة طه، عدنان كنفاني، وفاء خرما، محمد مينو، أسامة حويج العمر، أميمة علي، جورج شويط.
الإثنين
6/8/2001
د. يوسف حطيني
ثائر عودة
فيصل خرتش، نجيب كيالي، ابتسام شاكوش، علي صقر، ندى الدانا، معروف معروف، جاسم الحمود، هلال لالا، أحمد جميل حسن.
الثلاثاء
7/8/2001
محمد خالد رمضان
د. أحمد جاسم الحسين
وليد معماري، أيمن الحسن، نجاح إبراهيم، بسام شلبي، نور عمران، سعاد مكارم، إيمان عبيد، منير الرفاعي.
الأربعاء 8/8/2001
د. أحمد جاسم الحسين
عبد القادر الحصني.
ضياء قصبجي، د. عبد الكريم عبد الصمد، محمد أبو حمود، غرامة العمري (السعودية)، حسان العوض، عمار الجنيدي (الأردن)، هيمى المفتي، محاسن الجندي، ابتسام الصالح.
الخميس 9/8/2001

الندوات النقدية
إدارة الندوة
المشاركون
عنوان الندوة
اليوم والتاريخ
د. يوسف حطيني
د.عبد الله أبو هيف، د.عادل فريجات.
القصة القصيرة جداً:
النص في مواجهة التشريح النقدي.
الأحد 12/8/ 01
د. أحمد جاسم الحسين
د. يوسف حطيني
الجمهور
النقاد
القاصون
ملتقى 2001
واقعاً وطموحاً
الإثنين 13/8/01



أما الملتقى الثالث، فقد شهد تطوراً لافتاً، حين أدخل في برنامجه، إضافة إلى المشاركات القصصية والتعليقات النقدية، قراءات من الأدب العالمي، اختارها مجموعة من المترجمين عن الروسية والتركية والبلغارية، لذلك خصصت فصلاً من هذا الكتاب، للتعليق على القصص العالمية التي تندرج في هذا الإطار. وقد جاء برنامج الملتقى الثالث على النحو التالي:



التاريخ
المشاركون
التعليق النقدي
الإدارة
الأحد
4/8/2002
أمور رجا، وفاء خرما، عبد الرزاق صبح، جورج شويط، ابتسام شاكوش، إياد شربجي، مصطفى حرويل، محمد أبو حمود، أمل حورية، أحمد دوغان.
د. عادل فريجات
د. أحمد جاسم الحسين
الإثنين
5/8/2002
نور الدين الهاشمي، أيمن الحسن، مايا عبارة، محمد مينو، عبير إسماعيل، أسامة الحويج العمر، سليم عباسي، ديما إسماعيل، عبد الكريم السعدي، رياض محناية.
د.يوسف حطيني
ابتسام الصمادي
الثلاثاء6/8/2002
ندوة نقدية حول القصة القصيرة جداً:
د. سمر روحي الفيصل، عبد الله أبو هيف، باسم عبدو.

د.يوسف حطيني
الأربعاء
7/8/2002
د. عبد الكريم عبد الصمد، علي صقر، هيمى المفتي، معروف معروف، جاسم الحمود، عفاف حنوف، أحمد جميل الحسن، طالب هماش، حسان جزائرلي، نور عمران.
د. أحمد جاسم الحسين
أنور رجا
الخميس
8/8/2002
وليد معماري، عوض سعود عوض، نجاح إبراهيم، بسام شلبي، نجيب كيالي، سوسن علي، محمود أسد، خالد موعد، أمينة رشيد، عدنان أبو زليخة، شادي نصير، سها جودت.
عبد القادر الحصني
عبد الكريم عبد الرحيم
الأحد
11/8/2002
قراءات من الأدب العالمي
"عن الروسية والتركية والبلغارية"

د.لبانة مشوح

أما في الملتقى الرابع الذي جرى بين العاشر والرابع عشر من شهر آب (أغسطس) في المركز الثقافي الروسي في دمشق، فقد تم إلغاء التعليقات النقدية التي تعارفت عليها الملتقيات السابقة، بعد أن وجهت ملاحظات للقائمين على الملتقى، مفادها أن النقاد ليسوا أوصياء على هذه التجربة الجديدة،غير أن عتباً تم توجيهه للقائمين عليه أيضاً، بسبب غياب التعليقات عنه. غير أن الجديد في الملتقى الرابع، والأخير حتى كتابة هذه السطور، هو امتداده إلى حلب حيث لاقى ترحيباً واسعاً ومشاركة فعالة، بفضل مساعدة الدكتور محمد جمال الطحان وإشرافه، وقد جاء برنامج الملتقى في دمشق على النحو التالي:

التاريخ
المشاركون
التعليق والإدارة
الأحد
10/8/2003
حنان درويش، خلف الزرزور، مايا عبارة، إياد شربجي، غياث الماغوط، وفيق أسعد، محاسن الجندي، محمد الخلف، محمد سعيد حسين.
د. أحمد جاسم الحسين
الإثنين
11/8/2003
دلال حاتم، نجيب كيالي، هيمى المفتي، محمد قرانيا، باسم عبدو، شادي نصير، عبير إسماعيل، مصطفى حرويل، سليم عباسي، طالب هماش، أبو الخير البيريني.
د. يوسف حطيني
الثلاثاء
12/8/2003
ضياء قصبجي، ابتسام شاكوش، أيمن الحسن، علي صقر، أنيس دياب، رياض محناية، ليما دسوقي، أسامة الحويج العمر، إدريس مراد، حسنة محمود.
د. أحمد جاسم الحسين

الأربعاء
13/8/2003
مختارات من الأدب العالمي (عن التركية والروسية والأرمنية والإنكليزية):
عدنان جاموس، جمال دورمش، د.نورا أرسيان، نبيل المجلي.
ميخائيل عيد
الخميس
14/8/2003
القصة القصيرة جداً في الوطن العربي
د.عبد الله أبو هيف (سورية)
ناصر الجاسم (السعودية)
فهد المصبح (السعودية)
د.حورية البدري (مصر)
د.يوسف حطيني

أما ملتقى حلب فقد عقد في صالة المركز الثقافي العربي بين السابع عشر والعشرين من آب (أغسطس) 2003، وقد جاء البرنامج على الشكل التالي:
التاريخ
المشاركون
التعليق والإدارة
الأحد
17/8/2003
ندوة نقدية بعنوان: آفاق القصة القصيرة جداً:
د. أحمد جاسم الحسين.
د. يوسف حطيني.
د. محمد جمال طحان
الإثنين
18/8/2003
د. محمد جمال طحان، حنان درويش، خلف الزرزور، باسم عبدو، ابتسام شاكوش، عباس حيروقة، أسامة الحويج العمر، نبيل المجلي
د. أحمد زياد المحبك
الثلاثاء
19/8/2003
د. أحمد زياد المحبك، ضياء قصبجي، محمد الخلف، سها جودت، عبد الهادي قاشيط، د. حورية البدري (من مصر) محود أسد، جورج شويط.
د. محمد جمال طحان
الأربعاء
20/8/2003
محمد قرانيا، أحمد دوغان، نجيب كيالي، خليل رحمو العجيلي، مايا عبارة، عبير إسماعيل، هيمى المفتي، أمينة رشيد.
د. أحمد زياد المحيك

ملتقيات القصة القصيرة جداً بين الإعلام والنقد:
قد كانت التغطية الإعلامية لفعاليات ملتقيات القصة القصيرة جداً مقبولة إلى حد كبير، فقد اهتمت وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة بها،ولا بد هنا من توجيه الشكر للإعلاميين الذين دأبوا على الحضور وحاولوا نقل ما يجري فيه. غير أنه لا بد من التنبيه على أن بعض التحقيقات الصحفية كانت مشوهة، فقد فاجأتني الصحافة بآراء لي (!) حول القصة القصيرة جداً، وأنا منها بريء، ولعلي أشير هنا إلى الصحفي علي الراعي الذي قال في تحقيقه حول الملتقى الثاني للقصة القصيرة جداً ما يلي:
"فالناقد د. يوسف حطيني مثلاً فصّل قميص "الحكائية" في اليوم الأول، وأخذ يلبسه للقصص التي قدمت، وكل قصة لم تستطع لباسه وجدها أنها ليست قصة، وبرأيه أن "الحكائية" هي الفاصل الرئيسي بينها وبين الأنواع الأدبية الأخرى المشابهة لها
[4]".
ولا شك أن هذا الرأي الغريب الذي لا يقبله منطق لا يمكن أن يصدر حتى عن أولئك الذين لا يعرفون سوى أبجدية القص، إذ إن الحكائية هي قاسم مشترك بين جميع أنواع النثر الحكائي.
وعلي الراعي نفسه، في تحقيقه الواسع للملتقى الرابع، في صحيفة تشرين، ينقل شيئاً طريفاً آخر، فيقول:
"وأخيراً إذا كان الباحثان يوسف حطيني وأحمد جاسم الحسين تراجعا عن الادعاء بأنهما السباقان لاكتشاف الغابات البكر للـ ق.ق.ج (….) نتساءل هل يتيح هذا الكم اليوم القبض على أركان هذا الشكل القصصي وقواعده
[5]".
والطريف هنا هو أنني لم أزعم، ولم يزعم د. أحمد جاسم الحسين، في أي يوم أننا السباقان لاكتشاف الـ ق.ق.ج، وبالتالي فإننا لم نتراجع عن الادعاء الذي لم ندعه، والذي يثبت أننا لم نزعم هذا الزعم هو أن الملتقى الأول شهد محاضرة للدكتور إبراهيم الحاج صالح عن أشكال الحكاية القصيرة جداً في التراث العربي.
ولا نريد هنا أن نقلل من شأن التطور الذي شهدته القصة القصيرة جداً في سورية، من حيث الإبداع والنقد، ولكن وجود هذا الشكل، أو جذوره في التراث شيء، والقصة القصيرة جداً بأركانها الواضحة، وتقنياتها الحديثة شيء آخر.
وإذا كان علي الراعي يجتهد في نقل الوقائع، فيخطئ ويصيب، فإن بعض الصحفيين كتبوا عن الملتقى دون أن يحضروه، وبعضهم بلغ حداً من الاستخفاف جعله يزعم أنه يستطيع كتابة (80) قصة قصيرة جداً، وهو في الطريق إلى عمله، وجعل صحافياً يزعم أن جدته تكتب أفضل من النصوص التي تنتمي إلى هذا النوع الأدبي
[6].
أما القسم الثالث من النقاد فقد درس هذه الظاهرة باهتمام وحلل نصوصها مبرزاً جمالياتها، ومنتقداً سلبياتها، ويقف على رأس هؤلاء د.قاسم المقداد، د.لبانة مشوح، د. عادل الفريجات، د.عبد الله أبو هيف، د. سمر روحي الفيصل. وأمثال هؤلاء هم المعول عليهم في التطور الذي يسعى له هذا الفن.
فالدكتور قاسم المقداد قدم خلال مشاركاته نقداً تطبيقياً، وتعليقات نقدية على قصص الملتقى، وشبه القصة القصيرة جداً بالـ (fast food) مشيداً بالرؤى الواسعة التي تحملها هذه القصة، إذا كانت قصة ناجحة طبعاً.
والدكتورة لبانة المشوح قدمت تعليقات نقدية فيها الكثير من الموضوعية حول ما ألقي من قصص، واجتهدت اجتهاداً طيباً في نظرية القصة القصيرة جداً، ورأت من خلال محاضراتها ومداخلاتها أن عناصر التي يعول عليها في القصة القصيرة جداً هي : الحكائية، والتكثيف والإدهاش.
والدكتور عادل فريجات قدم في الملتقيات وفي محاضرات وندوات، وحتى في المقالات والكتب، آراء قيمة عن القصة القصيرة جداً، واهتم بدراسة النصوص التي قدمت في الملتقى، والتي نشرت في كتب مستقلة.
أما الدكتور عبد الله أبو هيف فقد كانت مشاركاته متنوعة، إذ درس مصطلح القصة القصيرة جداً، وأنواع السرد القصير في التراث العربي، كما درس عدة مجموعات مطبوعة تحت هذا العنوان، وقدم بانوراما شاملة حول القصة القصيرة جداً في الوطن العربي. وهو على الرغم من بحثه عن الخصائص التي تميز القصة القصيرة جداً عن القصة القصيرة والرواية فإنه يتحاشى أن يستخدم هذا المصطلح، ويفضل مصطلح (السرد القصير جداً) هروباً من تحديد موقفة من استقلالية هذا النوع الأدبي.
وقد استطاع الدكتور سمر روحي الفيصل الذي شارك مرة واحدة في ملتقيات القصة القصيرة جداً أن يوازن بكثير من الدقة بين أنواع النثر الحكائي، وأن يتمتع بمرونة حصيفة مكنته من أن يضع هذا النوع الأدبي في مكانه دون هجوم متعنت أو حماس مفرط، مطالباً بأن يعطى النوع فرصته ليقول ما لديه.
* * *
وعلى الرغم مما يقال حول الملتقيات، فإن ملتقى القصة القصيرة جداً يجمع العشرات من المبدعين، وهذه فرصة للقاء المثمر والفعال بين أدباء يمتدون على مساحة قطرنا العربي السوري، كما يجمع الجمهور ويعرفهم بأساسيات هذا النوع الأدبي ويعرفهم على نماذجه، ويسمح لهم بمواجهة النصوص بآرائهم، كما يسهم في تنشيط المشهد الثقافي في سورية، ولأن له كل هذه الفضائل فلاشك أنه سيبقى ظاهرة مفيدة.
غير أن مشكلة القصة القصيرة جداً لا تحلّ بعدد الملتقيات، ولكنها ترتبط بقدرة القاص على الإبداع، وليس ثمة نوع أدبي جيد وآخر رديء، ولكنّ ثمة نصاً جيداً وآخر رديئاً.
إن طبيعة الحياة تتطلب التطور، وهذا الشكل الجديد الذي حاول الملتقى ترسيخ نظريته سيغدو فيما بعد شكلاً تقليدياً يسعى الآخرون إلى تجاوزه، وربما كان على التقليديين أن يستفيدوا من سيرورة التاريخ، وعلى المجددين أن يحسنوا استيعاب القديم حتى يكون إبداعهم أكثر إقناعاً، وبصماتهم أكثر رسوخاً.
إن مستقبل القصة القصيرة جداً يبدو لي مرهوناً قبل كل شيء بالحاجة إلى إقناع القارئ بجدوى هذا النوع الأدبي عبر إعطائه مزيداً من الدور للقارئ وتحريضه ورفع مستوى وعيه الفكري والجمالي.
ونحن – بالتأكيد - بحاجة إلى مزيد من المجموعات المتميزة، لأن النصوص الرديئة لا ترسخ نوعاً أدبياً، ولأن النقاد، ولو اجتمعوا، لا يستطيعون كتابة قصة أو قصيدة ولا يستطيعون أن يفرضوا نوعاً أدبياً لا تدعمه نصوص مميزة قابلة للحذو.
إن ملتقيات القصة القصيرة جداً لا تزعم أنها تقدم إجابات نهائية للمتساءلين، لأن المشاركين فيها جميعاً يزعمون أنهم في طور التجريب، وربما كان من المبكر الحكم على هذه التجربة، ونحن هنا لا نطلب من المشككين بجدوى هذه التجربة أن يهللوا لها، ولكننا نطمح إلى أن يعطوها فرصة لتقول ما لديها، وفي ظني أن المستقبل سيكون للتجديد لأن الجديد من ضرورات الحياة ومتطلباتها.

[1] عماد النداف: جرائم شتوية، قصص قصيرة جداً،ص13.

[2] عبير كامل إسماعيل: للثلج لون آخر، ص88.

[3] د. عبد الله أبو هيف: ملاحظات حول مصطلح القصة القصيرة جداً، ملحق "الثورة الثقافي"، دمشق، ع274، تاريخ 5/8/2001، ص6.
[4] علي الراعي: ما عدا المنظرين: خمسون قاصاً في الملتقى الثاني للقصة القصيرة جداً، مجلة تشرين الأسبوعي، العدد 175، تاريخ 21/8/2001، ص50.
[5] الملتقى الرابع للقصة القصيرة جداً: النصف المليء من الكأس، صحيفة تشرين، دمشق، 18/8/2003.
[6] غسان شمة: قصة قصيرة جداً حدثت لجدتي، صحيفة النور السورية،ع4، تاريخ3/6/2001.