لكل الناس وطن يسكنون فيه، أما نحن فلنا وطن يسكن فينا

الاثنين، 26 أكتوبر 2009

دراسة: سميرة عزام: في أعماق الغنسان

سميرة عزام: في أعماق الإنسان
د. يوسف حطيني
أشار د . فيصـل دراج في دراسة له بعنوان: ( سميرة عزام : البحث عن الإنسان والأخلاق والوطــن ) ( 1 ) إلى ملاحظـة دقيقـة ، ويمكن رصدهـا ببساطـة عند الكاتبة ، وهي أنها – أي الكاتبة – تثق بالإنسان إلى حدٍ يدفعها “ إلى كتابة قصص أخلاقية تقترب من حد الأمثولة الكاملة ، التي تبشر بالخير وتدعو إلى التكافل و التساعـف ، فكأن الأمثولة فـي قلم الكاتبة ، موعظةً ترجم الشر ولا ترجم الإنسان ، لأنها تفصـل بين الشر والإنسان ، فالشر قائم خارجه ، والإنسان مهما اقترب منه ، فإنه يعود في النهـاية إلى نقيضـه ، إلى عالم الخير “ ( 2 ) .
فالكاتبـة تقدم دائماً الإنسان الخير أو العائد ، بالضرورة إلى مملكة الخير ، دون أن ترتضي بالشر طريقاً لمحاولة تحقيق ذاته ، بغض النظر ، وفقاً لعزام ، عن الظروف التي تحيط به ، أو التي من المفترض أن تدفعه ، في بعض الأحيان ، إلى طريق الشر ويمكن للمرء أن يبرهن على صحة ذلك عبر رصد الموضوع الإنساني في أدب الكاتبة من خلال التركيز على النماذج الإنسانية المختلفة التي عرضتها ، وإن تقصي هذه النماذج يقود المرء إلى إمكانية تقسيمها إلى خمسة نماذج ، نستطيع إيضاحها فيما يلي :
- النموذج الأول : يبـدو البطل في هذا النموذج حاملاً فكرة الحركة ، بوصف الفعل هو طريق التخلص من السكون العاجز عن مواجهة الحياة .
-النموذج الثاني : وهو امتداد بشكل ما للنموذج الأول إذ يتحول فيه بطل القصة من الحركة غير الفاعلة، وغير المنتجة ، إلى الحركة الفاعلة ، ويغدو العمل المترافق مع الطموح سبيلاً لتحقيق المزيد من إنسانية الإنسان .
- النموذج الثالث : تبدو فيه الشخصية القصصية في تقابل بين ما الفت عليه نفسها ، وما تخبئه هذه الألفة وراءها ، خاصة حين يعتمد كسب الرزق على مصائب الآخرين ، حيث تترجـح هذه المصائب بين أن تكون عادةً ألفها المتّجرون بها ، وأن تكون مصيبة حقيقية تحل بهم .
-النموذج الرابع : في هذا النموذج تقدم الكاتبة سعي الإنسان بفطرته إلى التواصل الإنساني ، والاتحاد بالآخر ، إذ يغدو هذا الاتحاد شكلاً من أشكال الإنسانية الأكثر رقياً .
-النموذج الخامس : وهـو امتداد للنموذج الرابع ، ولكنه يختلف عنه ، في كونه تواصلاً مع الحيوان حيث يغدو الآخر / الحيوان مشجباً لأفكار إنسانية نبيلة .
أولاً – دعوة إلى الحركة :
طرحت سميرة عزام الدعوة إلى الحركة في الإطار الإنساني / بوصف السكون السلبي لا يمـكن أن يؤدي إلى النجاح الذي يطمح المرء لتحقيقه من خلال السعي إلى تحقيق ذاته . فالكاتبة تسعى إلى نبذ التصوف السلبي ، وجميع أشكال الانعزال ، لأنها غير مجدية ، وليس من سبيل سوى رمي بعض الحصى في هذا السكون الراكد .
قصة " الشيخ مبروك " ( 3 ) تحكي عن رجل ، نسي الناس اسمه ، وأطلقوا عليه هذا الاسم ذلك أنهم يتباركون به ، ويدفعون له دون أن يطلب منهم ، فالرجل ذو مهابة ووقار يمنعانه من ذل السؤال وهو فوق ذلك ، لا تبدو عليه سيماء السائلين :
“ وحرت في ماهية الشيخ مبروك واستثار فضولي ، أهو شحاذ ؟ كلا ، ليست له هيئة الشحاذين ، ولا نفسيتهم ولا تكلفهم لما يستدر العطف ويحرك الحسنة . . ففيه نظافة دائمة وفيه كبرياء تلجم لسانه فلا يفوه بكلمة الشكر إلا بصوتٍ خفيض “ ( 4 ).
إذاً هو شحاذ ، ولكنه شحاذ متصوف ، على طريقة الوجه القسيم الملتحي ، والمسبحة الطويلة . فهو يشحذ ، دون أن يطلب طبعاً ، لأنه لم يرض العمل سبيلاً للحياة ، وارتضى التصوف السلبي ، الذي هو في حقيقته تراجع أمام معركة الوجود ، إذ ما معنى أن ينسحب الشيخ من الحياة الحقيقية الفاعلة لأن فتاة يحبها قد تزوجت من رجل آخر ؟
“ كانت فتاة صغيرة وكنت أحبها ولما شئت أن أتزوجها، أبى عليَّ أبوها ذلك ، وأعطاها لابن أخيه ، وكان رفضُهُ صدمة لم أحتملها ، فهمت على وجهي كالصعاليك . وشعرت بأنني رجل لا صلة له بالناس أو الحياة “ ( 5 ) . وحين يجد هذا الشيخ فتاته ، بعد سنوات طويلة ، وقد مات زوجها وترك لها طفلة ، تعود به الرغبة إلى الحياة ، ولا حياة – وفقاً لرؤية عزام – إلا بالعمل :
“ وخلتني نسيتها ، ومات حبها في قلبي ، إلا أن رأيتها قبل شهر من الزمن بعد أن عرفت أن زوجها قد مات وترك لها طفلة ، وشعرت يا حسن بأنني لازلت أحبها ذلك الحب الذي لم يعش سواه في نفسي ، فما رفعت قدمي عن العتبة قبل أن أعرض عليها الزواج ، فقبلت بالطبع إذ أنها ستجد في حمايتي ما يعصمها عن التشرد . ولا بد من عمل الآن . سأكون صاحب عيال الآن “ ( 6 ) .
وإذا كان السبب الذي غـيَّر " الشيخ مبروك " هو سبب غير موضوعي إلى حد كبير ، وغير مقنع بسبب عدم رسم صفات سيكولوجية واضحة الشخصية ، تبين أهمية الحب في حياتها ، فإن هذا لا يلغي كون النهاية الإيجابية ، المتمثلة في مواجهة الحياة ، تحقق هدفاً سامياً من أهداف الكاتبة ، الأمر الذي يجعل القصة ذات مغزىً مخطّطٍ له ، لا مجرد " طرفة تثير الابتسام " حسبما أشار سهيل إدريس في دراسة سريعة ( 7 ) .
فـي قصة " في المفكرة " ( 8 ) دعوة إلى الحياة أيضاً ، وتتميز هذه القصة عن سابقتها أن دعوتها للحياة ليست خارجية تماماً ، إذ تنبع من ضرورات نفسية ، وإن كانت هذه الضـرورات في جانب منها ، ظلالاً لتطورات محيطة ، إن القصة تحكي عن فتاة لا تعبأ بفواتح الأعوام أو خواتمها ، تفاجأ في العمل ، بينما تقوم بتأريخ رسالة كلفت بكتابتها ، أن يومها هو اليوم الأخير في السنة ، الأمر الذي يدعوها إلى تذكر أيامها التي تمضـي بلا حساب ، وإلى تذكر مفكرتها التي ما تزال أوراقها بيضاء ، باستثناء إشـارات استفهام في الصفحة الأولى تحنُّ إلى جواب ، إنها امرأة ساكنة ، تعمل برتابة مطلقة ، لدى رجل ساكن لا تحبه ولا تكرهه ، ولا تكن له احتراماً أو احتقاراً ، غير أنها حين تقوم بانفعالٍ إلى النافذة وترى الناس “ أفواجاً يتأبطون العلب .... ويحملون اللفائف ( . . . ) تلقي بنفسها إلى الكرسي ، وتمسك بمفكرتها الصغيرة بعصبية ظاهرة...لم تتبخر إلا بعد أن تحدرت من عينيها دمعتان “ ( 9 )
وإذا كان انفعالها ، وانتقالها إلى النافذة هما بداية الفعل ، وهو الفعل الذي تَنامى مع رؤيتها الناس خارجاً ، فإن نهاية القصة جاءت تتويجاً لهذا الفعل ، وذلك من خلال البدء بحياة مختلفة منذ يومها هذا ، ولكن عن طريق مؤثر خارجي هذه المرة :
" وأقبلت على مخدومها تودعه وترجو له عاماً سعيداً ، وشدَّ على يدها بحرارة أدهشتها ، وناولها مظروفاً أصفر حشاه ببعض أوراق النقد وقال :
- هل اشتريت لنفسك ما يروقك من ثياب ؟ لقد عزمـت على المرور بك الليلة إلى مكان نساير فيه المعيدين . . . ومن يدري فقد أنجح في حملك على أن تخطي شيئاً جديداً في مفكرتك " ( 10 ) .
ثانياً – العمل والإنسان :
إنّ الدعـوة إلى الحياة هي ، في صميمها ، دعوة إلى العمل ، ولأن الأمر كذلك ، فيمكن أن نعد انتصار إرادة العمل امتداداً لانتصار الإرادة الإنسانية ذاتها . . .
لقد عرضـت سميرة عزام من خلال قصصها التي تناولت حياة الطبقة الفقيرة ، أن قسوة الحيـاة تهدد بأنيابها القاسية كل من يتوانى عن تأدية دوره الوظيفي فيها ، وقصة " سأتعشى الليلة " ( 11 ) هي دعوة للعمل ، ومزيتها الأساسية أنها تجعل الحياة تسلح أي إنسان يرغب في العمل ، أو يضطر له بالحد الأدنى من الأسلحة التي تمكنه من مواجهتها . إنها قصة الفتى العاجز الذي كان يسعى كل يوم “ مع الصباح فتتبعه أخته بالكرسي الواطيء ، العتيق فيجر نفسه إلى الرصيف غير بعيد من البيت ، فيريح عكازيه على الأرض أو يضعهما أمامه على الحائط ، ويمكث ساعات وساعات يتفرج باهتمام على الناس “ ( 12 ) .
وهـذا التفرج على الناس ، ليس محض تسلية ، وإنما هو مراقبة دقيقة لما يفعل الأسوياء ، وهنا تنجح الكاتبة في تقديم جو يوحي باستعداد العاجز للعمل بل تلهفه لممـارسته ، مما يمنح القصة علة التطور التي تفقدها في قصصها الأخرى ، التي تطـرح الموضوع نفسه ، ها هي ذي تسوّغ التطور المنتظر في شخصية العاجز ، عندما تجعله يركز اهتمامه على جمعة بائع اللحم المشوي :
“ ويرقب الرجل وهو يقطع اللحم ويدندن لحناً عتيقاً لا يعرف سواه . . ويقلب أسياخه على النار ، ويسخن الأرغفة التي يتلقفها الغرباء ، وسائقو السيارات والسماسرة “ ( 13 ) وتلوح فرصة العمل أمامه ، حين يأتي أحد أقرباء جمعة ويسرُّ إليه شيئاً ، حيث يبدو عليه الاضطراب ويصيح :
“ أذهب ؟ وما أفعل بأكوام اللحم هذه ؟ أ أدعها للكلاب ؟ “( 14 )
هنا يثبت الفتى العاجز أن عجزه في مواجهة الحياة ليس نهائياً ، وأن مراقبته جمعة لم تكن مراقبة سلبية ، إذ يتطلع إلى جمعة بضراعة ويؤكد له أنه إذا غاب لشأن ما ، فإنه سيكون بعكازيه ، قادراً على شواء اللحم وبيعه :
“ وهكذا باع واشترى ، وأخذ وأعطى ، ولم يعاكسه الصبية والشارون ، بل ولم يحاولوا أن ينكروا عليه الثمن “ ( 15 ) .
وفي تلك الليلة ، حمل أجره ، وأحس أن العشاء الذي اشتراه لنفسه ولأمه ولأخته ، سيكـون أشهى من أي عشاء سابق . لقد قرر أن يعمل من أجل أن يتعشى في كل الليالي القادمة .
غير أن قصص عزام لا تقف عند حدود البحث عن العمل وممارسته . وإنما تتجاوز ذلك إلـى الطموح المشروع للإنسان الذي يعمل ، أن يطور عمله ، وأن يسعى لمستقبل أفضل . وثمة قصتان تدعو فيهما الكاتبة إلى أن يكون الإنسان طموحاً ، أياً كانت نتائج هذا الطموح ، إذ إن شرف المحاولة كافٍ ، هنا لتحقيق الإنسان رفعته الإنسانية .
فالصبـي رزق يعمل في دكان الكواء (16) آرام الذي تخرج على يديه ثلاثة معلمين بـدأوا ينافسونه في السوق ، ويأخذون زبائنه ، لذلك قرر آرام ألا يعلم رزق هذه الصنعة لئلا يزيد منافسوه واحداً :
“ انظر هذا عبد الله ، كان أجيراً عندي ، وذاك محمود . . وثالث فتح محلاً في شارع الحمراء لقد تعبت عليهم وعلمتهم ، فلما برعوا أفسدوا علي زبائني . . لا . . آرام لن ترتكب الغلطة نفسها ولن أجعل منك معلماً جديداً ، ستظل تحمل الثياب ثم تأخذ ليراتك العشر في كل شهر . . فاهم ؟ أنا لست حماراً “ ( 17 ) .
أما رزق الصبي الذي كان له رأي آخر ، فقد كان يبيت ليلته في المحل لأنه كان شريد أخيـه، وزوجة أخيه الشرسة ،هذه الليلة بالذات ،قرر أن يصير معلماً أضاء النور ،ونظر إلى الثياب ، وانتقى قميصاً ملوناً للأستاذ خليل ليكويه ، ذلك أنه يحب الأستاذ خليل لأنه يحبه ويشتري له الـ " مري كريم " :
" وكان القماش يملس تحت مكواته قليلاً قليلاً فتسوّى المربعات على القميص الأحمر ، فتجـرأ أن يريح مكواته ويشدها كثيراً على الكم ، ثم ينتظر فترةً قبل أن يرفعها ، فتجحظ عيناه حين تلتصق قطعة الكم بالمكواة " ( 18 ) .
وهنا يبدأ الصراع في نفس رزق ، يشعر بالندم لأنه فكر أن يصير معلماً ، ويستمر القلق حتى ينام ، وسرعان ما يرى في منامه القميص والمعلم آرام يشتم آباءه وأجداده ، غير أن رزق لم يستيقظ خائفاً ، وفقاً لرؤية عزام التبشيرية ، ففي حلمه رأى الأستاذ خليل يبتسم ويقول :
" لا بأس على القميص يا رزق ، ما دمت قد حاولت أن تصير معلماً " ( 19 ) .
وعلى الرغم من الصورة الواضحة في القصة للتمزق الذي يعاني منه رزق ، بين شرعية طموحه ورأي آرام ، فإن الدكتور هاشم ياغي يرى أن القصة صورت " بعض مطامع صبي الكواء . . وما وقع فيه من خطأ جسيم إثر هذه المطامع " ( 20 ) مخرجاً بذلك القصة من فكرتها الأساسية إلى فكرة لا علاقة لها بالقصة البتة .
إن القصتين السابقتين تطرحان الأمر ذاته ، وهو أن العمل أو الطموح نحو عمل أفضل ، سيقود بالضرورة إلى النجاح ، وقد أشار د . فيصل دراج إلى سمتين تميزان الموقف القصصي في هـاتين القـصتـين ، تؤكـد الأولى خـير الواقـع “ حتى نكـاد نظـن أن هذا العالم مساحة مستوية معمورة بالنوايا الحسنة ترحب بكل من يأتي إليها ، فما على الفرد إلا أن يوقظ إمكاناته ، ويسعى حتى يجد الآخرين موئلاً وسنداً ، أما السمة الثانية ، فكأنها تقول إن قدر الإنسان ومصيره محكومان بقدراته الداخلية ، بجوهره الذي يتفتح في لحظة الإرادة “ ( 21 ) .
غير أن هذا الرأي الذي ينطبق على جل أعمال سميرة ، في هذا المجال ، ليس سمة دائمة ، وإنما هو سمة شبه عامة ، أو غالبة . ذلك أن هناك قصصاً ينتهي فيها طموح الإنسان نهاية دامية،ولكن السياق يقول إن شرف المحاولة يرفع طموح الإنسان ويسمو بإنسانيته .
في قصة " أسباب جديدة " ( 22 ) يبدأ أحمد مرزوق حياته أجيراً يستعير حذاءه من صديقه ، يحمل السلال للناس ، ولكن طموحه جعله ذات يوم يقول لمعلمه " أنت لا ترضـى لي أن أعيش حاملاً سلال الناس " ( 23 ) . لذلك راح يتدرج في العمل من عتال إلى عامل في محل كهرباء ، إلى عامل بإحدى وكالات أجهزة التلفزيون ، ثم مبعوث للوكالـة في ألمانيا . . وعندما عاد إلى بلده متخصصاً في التلفزيون سقط عن سطح بناية ذات أربعة طوابق ، وهو يقوم بتركيب الهوائي لتكون نهايته المأساوية . . غير أن ابتسامته ما زالت في ذاكرة الذين يعرفونه ، وطموحه مثالاً يُحتذى به . .
ثالثاً – العودة إلى الجذور:
وثمة فكرة شائعة وصحيحـة ، تقوم سمـيرة عـزام بتقديمها فنياً ، ومـؤدى هذه الفكرة
أن ارتباط أرزاق بعض المسترزقين بمصائب غيرهم ، يضفي على صنعتهم شيئاً من الألفة في أنفسهم، ولا تعود مصائب الناس تعني له أكثر من حالات ، وأرزاق جديدة و يختفي الحس الإنساني بسبب تلك الألفة .
وتحاول عزام من خلال إيمانها بإنسانية الإنسان أن تخلق الفكرة المضادة التي تعيد الإنسان إلى فطرته التي جبل عليها ،والتي تجعله يشعر بآلام الآخرين بتوجيه الصدمة له، في من يعز عليه …
إن الكاتبة تقدم الإنسان الذي ألف مصائب الآخرين في " لحظة الكشف "، حيث يعود إنساناً حقيقياً حين يتعلق الأمر فيه بالذات ،وثمة ثلاث قصص تنحو فيها الكاتبة هذا المنحى ، فقصة " دموع للبيع " (24 ) تحكي عن خزنة نادبة الموتى ، التي لها قدرة عظيمة على اصطناع الأسى فإذا مات أحدهم ذهبت إلى بيت العزاء الذي تجتمع فيه النسـاء ، وأطلقت الصرخات النكراء ،وضربت صدرها بعنف وأبكت جميع الحاضرات ، "فإذا ما فترن بعد أن يأخذ منهن الجهد ، قامت خزنة تعدد عداً خاصاً حزيناً تتبعه بصرخة فظيعة فإذا الدموع تنفجر ، والنشيج يشتد واللوعة تقوى ( … ) وإثابة خزنة على حزنها العظيم لا يكون بغير مبلغ يحرك فيها رصيداً من اللوعة لا ينفذ ( * ) قط (25) .
ولكن لحظة الكشف تتجلى حين تموت مسعودة ابنة خزنة إذ بدأ الناس يتساءلون : كيف ستبكي خزنة ابنتها ، وهي التي تحترف الحزن والبكاء ؟
لقد كان الحي متأكداً أن الحارة ستقوم وتقعد على بكاء خزنة . غير أن المأتم لم يكن أكثر كآبة خرساء ،فالنسوة اللاتي حاولن البكاء اصطدمن بنظرة خزنة التي تستنكر أن يكون موت ابنتها مدعاة لاصطناع الدموع .
تمثل هذه القصة انتصار العاطفة الصادقة على العاطفة المباعة ،في لحظة الكشف ،وفيها عودة الكاتبة نحو جذور الإنسان .
ولأن سمـيرة عزام تنظر إلى المجـتمع نظــرة شـاملة ،فإن محـاولة وضــع الإنسـان في لحـظة الكشـف هـذه ، لم تكـن في قصصـها قاصـرة على المـرأة
.. فالرجل في قصة " حتى العيون الزجاج تندى " (26) يكاد يكون صورة مطابقة للمرأة في قصة "دموع للبيع " (27) . . "(28)
إنه يعيش على المآتم ، يأخذ من بائع الصحف أسماء الوفيات و عناوينهم ، ويمضي، باكياً ، لرثائهم بقصائد قرئت في المآتم عشرات المرات ، لا يكلفه التجديد فيها سوى تغيير اسم الميت ،لا يهمه في ذلك أستقام وزن القصيدة أم لم يستقم .
ونتيجة لتردد هذا البكّاء على بائع الصحف ، فقد نشأت بينهما علاقة صداقة ، فالبكّاء يأتـي كل صباح لينبش أسماء الميتين .. وإصراراً من الكاتبة على كشف إنسانية الإنسان في لحظة التجلي ،فقد مضت القصة إلى إجراء نوع من المقابلة بين عاطفة البكـاء المباعة ،وعاطفة الصداقة الحقيقية مع بائع الصحف ،إذ يموت ابن عم الأخير ،و ينطلق صاحبنا إلى العزاء، ولا يلبث بائع الصحف ،الذي يقف إلى جانب عمه أن يرى (الشـاعر البكاء) يتقدم ويرتجف ويخرج من تحت طربوشه قصيدة يريد إلقائها ولكن بائع الصحف الراوي يتحفز، ويتحول حزنه العظيم إلى غضب ، قبل ان يراه البكاء هناك ، ويعود ، في لحظة مواجهة مع ذاته ، إلى إنسانيته الأولى:
“وتحفزت أريد الوقوف ، فقد أشعلني هذا الحزن الذي تحول في لحظة إلى غضب . وقفت ومشيت خطوة واحدة قبل أن اصطدم بالمنضدة .كان قد وقف ،ولعله لم يلحظني قبـل الآن إذ توقف الاختلاج في جسمه ،وتصلبت خطوط وجهه حين أبصرني وحل في عينيه الدبـقتـين ذلك الوميض الذي يلوح خطفاً ، و بتؤده مد يده إلى جيبه ، فأخرج منديلاً جفف به رأسه ، وثبت فوقه طربوشه ، و بشيء من الثبات تقدم فقبلني ،وصافح عمي ،وخرج . ..” (29) . وإذا كان المـوت هو الذي أعـاد بطـلي القصـتين السابقتين إلى إنســانيـتهمـا الفطــرية ،فـإن كـابوس المــوت،أو الـخوف من الموت ،هو الذي يدفع أبا شكور في قصة " لا ليس لشكّور " (30) إلى ذلك فأبو شكـور الذي يصنع النعوش ، ألف الموت والميتين ، إذ لم يعد يعني الأمر لديه أكثر من نعـوش جديدة ونقود ينفقها على عياله . غير أن مرض ابنه يجعله يعيد النظر في صنعته ، ينظر في محله فيرى نعشاً صغيراً يناسب ابنه شكور تماماً ، وكأنه يراه لأول مـرة ، راح يطارد بكابوس الموت ويحاول إبعاده دون جدوى . لذلك يترك المحـل لأخيه ، ويبحث هو عن حرفة جديدة يحترفها ، ولا يهنأ باله إلا حين يرى النعش الأصفر الكالح محطماً : “ويقبل أبو شكور عنيفاً كالثورة .. قوياً كالحقد ، وقد تقبضت أصابعه المتشنجة على فأس انتزعه من صندوق . . وراح يهوي به ضربات عصبية مجنونة متلاحقة على النعش الصغير ، فما خلاّه إلا حطاماً راح يبعثرها بقدميه “ (31 ) .
رابعاً – الاتحاد بالآخر :
ولعـل الاتحـاد بالآخر ، الذي تطرحه سميرة عزام في بعض قصصها ، يعد الأكثر رقياً من نماذجها الإنسانية ، فيما يتعلق بتكريس الإنسان الأجمل الذي يحول عواطفه الجميلة تجاه الأخر ، إذ يبدو الأبطال وكأنهم " يؤثرون على أنفسهم (32) " في الأمور ذات الصلة بالعمق الإنساني .
قصة " هل يذكرها " (33 ) تحكي قصة امرأة وزوجها اضطرتهما ظروف الحياة إلى بيع خاتمها الماسي لبائع أحس أن هذه المرأة إنما تودع عزيزاً ، وتكون المفاجأة بعد سنتين ، حين يعودان لشراء خاتم آخر ، بعد أن يتخلصا من ضائقتهما ، فيجدان البائع لا يزال يحتفظ لهما بالخاتم نفسه ، ومثل هذا الالتحام بين حالة المرأة ودخيلة البائع الذي دعته إلى الاحتفاظ بالخاتم ، بعيداً عن الاتجار به ، هو في الحقيقة من أرقى العواطف الإنسانية .
وربما كانت قصة " المسافر " (34 ) أقدر على توضيح هذا التواصل الإنساني الذي يبلغ حداً مدهشـاً من الرقي الإنساني ، فالشخصية الرئيسية في القصة تخطئ في تحديد ساعة عودة أختهـا من القاهرة ، ويتعين عليها أن تنتظر في المطار ساعة وربعاً وسط الصخب الذي يسود الجو ، فلا تجد أمامها إلا أن تراقب الناس حولها ، ويلفت نظرها مجموعة من القرويين تسمع أحدهم يقول “ هناك في أقصى المدرج تقف طائرة البرازيل “(35) ، ويلتفتون حول رجل ، ويتصورون معه بينما راحت امرأة ، قدرت البطلة أنها أمه ، تعانقه وتقول لـرجل يحمل آلة تصوير : “ صـوّر يا ابني صوّر . صـوراً تأكل قلبي كلما شاهدتها “ (36 ) .
وتـلتحم المراقبة شيئاً فشيئاً بالحدث ، وبالمودعين الذين يودعون فرحات – وهذا هو اسم المسافر الذي سمعتهم ينادونه به – ومع ارتفاع أصوات البكاء ، واحمرار عيني فرحـات ، راحت الأسرة المودعة تفرش عواطفها على مدرج المطار " فرحات لا تنسانا .. فرحات يا تقبر أمك ، من يوسد قبر أمك إذا ماتت " (37 )
الانفعال يبلغ ذروته ، وفرحات يبدو جامداً لا يعرف ماذا يفعل ، ولكن البطلة التي تنتظر شقيقتها القادمة من القاهرة تفاجأ ، وهي تمسح عينيها بصديق يسألها : "هه .. هل تستقبلين أحداً ؟
قلت : لا.. بل أودع .. أودع فرحات المسافر إلى البرازيل ! " (38 )
* قصص الحيوان :
لاشك أن البحث عن بدائل للإنسان ، من أجل إسقاط محمولات إنسانية عليها ، هو أمر شائع في الثقافة الإنسانية وفي الأدب العربي القديم ، فالناقة والحصان والثور الوحشي ، كانت في حقيقتها معادلات نفسية ، يحاول المرء من خلالها إيجاد توازنات جديدة بينه وبين العالم المحيط ، ذلك أن تجسيد صورة الحيوان في الأدب يمكن أن يغطي مساحة واسعة في رقعة الامتداد الدلالي .
وقد قدمت سميرة عزام عدة قصص تتخذ من الحيوان واسطة لتقديم محمولات إنسانية سامية وهو أمر لا يمكن تجاوزه في الحديث عن النزعة الإنسانية في أدبها .
قصـة " الحب والمكان " (39 ) تستخدم العواطف الحيوانية “ لا يوجد هنا أي مدلول سلبي للكلمة وإنما هي مجرد نسبة “ ، وتلصقها بالإنساني دلالةً ، داعية ، من جانب خفي ، الإنسـان إلى التحلي بها حيث تغدو مواقف الحيوان من الحياة حوله ، مثالاً يحتذى به من قبل الإنسان .
إنها قصة كلب يتشبث ببيته / بيت صاحبه الذي تربى به / ، على الرغم من تعاقب المالك والمستأجرين على إشغال هذا البيت . وتبدأ القصة حين تحكي عن عائلة استأجرت البيت من مستأجر قديم ، يخبرها أن الكلب المقيم فيه هو ملك المالك الأصلي . ويبدأ الاهتمام بالكلب من قبل الساكنين الجدد الذين يطلقون عليه اسماً جديداً غير (ماكس ) / اسمه القديم / فيختارون له اسم ( بلاكي ) .
ويبلغ الصراع في ذروته حين تسمع الأسرة / نباح بلاكي بعد سبعة أشهر من إشغالها الدار ترحيباً بالمالك الأصلي ، الذي يحضن الكلب ، ويمسد شعره ، فيستسلم له الكلب استسلامـاً لذيذاً غير أن المفاجأة التي يعدها الكلب للعائلة ، هو أنه رفض أن يخرج مع صاحبه خارج المنزل ، لكنه على أية حال شيعه بدموعه ، ورفض أن يترك منزله ، و يبقى متشبثاً بهذا المنزل الذي يعني له حياته :
“ حمـل الرجل كلبه كمن يتأبط حقاً مشروعاً واتجه نحو الباب في خطوات غير متسارعة واقترب من الباب الحديدي ، وهنا حدث ما لم نتوقع إطلاقاً . لقد انتفض بلاكي بشدة ، وانزلق من تحت سيده وقفز عائداً إلى حدوده قريباً من البوابة ، لما عاد هذا يحمله من جديد تشبثت قوائمه بالأرض كأنه أبو هول صغير “ (40) .
إن الكلب هنا لا يرفض صاحبه ، لكنه يرفض الرحيل ، لذلك فإنه مستعد للبقاء إلى جانـب صاحبه بكثير من الحبور . هذا إذا بقي صاحبه في بيته ، أما إذا قرر الرحيل فإن الكلب سيبقى في البيت، ولا بأس من الدموع التي سوف يهدرها على فراق صاحبه الذي يحبه :
“ هو ذا ينكر صاحبه مثلما أنكر كل الذين جاؤوا ينتزعونه من هذا المكان ، وقد يئس هذا منه فاستدار ، ،وعينا ببلاكي تشيعانه بما يشبه الدموع “ ( 41 ) .
وإذا كانت الكاتبة هنا تقدم فكرة التشبت في الأرض – وهي فكرة دعا لها كثير من الأدباء الفلسطينيين – وذلك من خلال بلاكي – فإنها استخدمت أيضا‍ً حيوانات أخرى في قصصها ، باعتبارها جزءاً من نسيج القصة الحدثي الذي يسهم إسهاماً فنياً في تقديم فكـرتها الأساسية ، ولكنها – هذه الحيوانات – لا تشكل الحالة الرئيسية الواجب احتـذاؤها . وتمكن الإشارة في هذا السياق إلى قصة " سعد والديك " ( 42 ) حيث يمكن أن تعد هذه القصة دعوة إلى الرفق بالشعور الإنساني البري ء في مواجهة الفهم النفعي للحياة.
تحكي القصة عن جليلة العراقية التي كانت تعمل لدى عائلة سعد الصغير ، والتي تزوجت وجاءت تزور العائلة حاملة معها هدية لسعد ، هي ديك جميل ملون .
هذا الديك الذي يعني صديقاً عزيزاً لسعد ، ليكون في ذهن الأخ والأب والأم جميعاً أكثر من وجبة دسمة.
وهنا يبدأ الصراع بين العائلة التي تتضايق من صوت الديك ومن ( وصاخته ) ، وبين سعد الذي صار يستيقظ باكراً ، وينظف ما يوسخه الديك ، ويدعو الله ألا يصيح الديك باكراً حتى لا يزعج أباه بعد تفكير ، يخطط أن ينقل الديك إلى السطح تخلصاً من غضـب العائلة ، ولكن نقله إلى هناك سيكلفه قفصاً ثمنه مئة وخمسون فلساً ، يجمعها في أسبوعين من مصروفه الخاص ، وحين يعود إلى البيت حاملا قفصه ، يصعد إلى السطح مباشرة ، فلا يجد الديك :
ولم يكن الديك هناك.
إنما كانت ريشات لامعة يبدو أنها انتزعت إثر مطاردة .
أما الديك فقد كان طبقا على المائدة تحيط به حبات البطاطس المقلي “ ( 43 )
إن اختلاف ( وجهات النظر ) النفعية والإنسانية نحو الديك تبدو من خلال موقف الأم التي تتوسل إلى سعد الذي تحبه كثيراً أن يأكل هذه الشرائح اللذيذة ، لذلك فهو " يكرهها ، يكره أباه ويكره إبراهيم ، يكرههم جميعاً . فهم غيلان يأكلون كل شيء … حـتى صديقه الديك ، الديك ذا الريشات السود اللامعات والعرف الأحمر الواقف.. الذي حملته جليلة من الجنوب وتركته أمانة بين يديه " ( 44 ) .
من هنا نرى أن سميرة عزام لم تغفل الشعور الإنساني ولا العلائق الإنسانية في قصـصها ، بل دعت إلى تحقيق الذات من خلال العمل. كما دعت إلى عدم الانجرار ، فيما يخص العلائق الإنسانية ، وراء ألفتها وعاديتها ، ودعت إلى الاتحاد بالآخر في آلامه التي هي جزء من آلام الإنسانية ، تلك الإنسانية التي تدعو لها الكاتبة حتى من خلال استخدام الحيوان محمولاً أو حاملاً لأسمى العواطف الإنسانية .
غيـر أن الذي يؤخذ على الكاتبة هو أنها قل أن تُعنى بتحليل الحالة النفسية أو الاجتماعية المحيطة وتكتفي بانتصار الإنسان وتمجيد الإنسانية بعيداً عن الظروف الخارجية ، مما جعل قصصها المتعلقة بهذا الخصوص مجرد أفكارٍ تعاني من الانبتـات الاجتماعي ، وتسير إلى هدفها ، ضمن النسيج القصصي دون أن تصادفها أية عوائـق .

$ $ $







هوامش:
( 1 ) دراج ، فيصل : سميرة عزام : البحث عن الإنسان والأخلاق والوطن ، مرجع سابق ، ص ص 120 – 141 .
( 2 ) المرجع نفسه ، ص 123 .
( 3) عزام سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 41- 48 .
( 4 ) المصدر نفسه ، ص 44 .
( 5 ) نفسه ، ص 44 .
( 6 ) نفسه ، ص 48 .
( 7 ) إدريس ، سهيل : أشياء صغيرة ، مجموعة قصصية للآنسة سميرة عزام ، مجلة
الآداب ، بيروت ، العدد 5 ( أيار ) 1954 ، ص 34 .
( 8 ) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 67 – 72 .
( 9 ) المصدر نفسه ، ص 71.
( 10 ) نفسه ، ص 72 .
( 11 ) عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 29 – 35 .
( 12 ) المصدر نفسه ، ص 22 – 23 .
( 13 ) نفسه ، ص 35 .
( 14 ) نفسه ، ص 35 .
( 15 ) نفسه ، ص 25 .
( 16 ) عزام سميرة ، وقصص أخرى : ص ص 177 – 186 .
( 17 ) المصدر نفسه ، ص 182 .
( 18 ) نفسه ، ص 185 .
( 19 ) نفسه ، ص 186 .
( 20 ) ياغي ، د . هاشم : القصة القصيرة في فلسطين والأردن ، مرجع سابق ، ص 196 .
( 21 ) دراج ، فيصل : سميرة عزام ، البحث عن الإنسان والأخلاق والوطن ، مرجع سابق ، ص 122 .
( 22 ) عزام ، سميرة الساعة والإنسان ، ص ص 41 – 51 .
( 23 ) المصدر نفسه ، ص 47 .
(24) عزام ،سميرة : الظل الكبير ص ص 37-45
(*) هكذا في الأصل و الصواب لا ينفد .
(25) المصدر السابق : ص 40
(26) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ،ص ص 21-29.
(27) عزام ،سميرة: الظل الكبير ، ص ص 37-45.
(28) أبو بكر ، وليد:أحزان في ربيع البرتقال:دارسـة في فن سميرة عزام القصصي ،مرجع سابق ،ص 57 .
(29) عزام ، سميرة : العيد من النافذة الغربية ، ص 29 .
(30 )عزام ، سميرة : الظل الكبير ، ص ص 55-65 .
(31) المصدر نفسه ، ص ص 64-65 .
(32) غريب ، روز : لا ليس لشكور بقلم سميرة عزام ، ، مجلة الآداب ، بيروت ، العدد 8 ( آب ) 1954 ، ص 54 .
(33)عزام ، سميرة : وقصص أخرى ص ص 95 – 103 .
(34) عزام ، سميرة : أشياء صغيرة ، ص ص 95ـ102.
( 35) المصدر نفسه ، ص 98
(36 ) نفسه ، ص 99 .
(37) نفسه ، ص ص 102 –103 .
(38) نفسه ، ص 103 .
(39) عزام ، سميرة : الساعة والإنسان ، ص ص 95 – 103.
(40) المصدر السابق ، ص ص 102.
(41) نفسه ، ص ص 102 _ 103.
(42) عزام ، سميرة ، وقصص أخرى ص ص 33-43 .
(43) نفسه ، ص 42-43.
(44) نفسه ، ص 43.